للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شهود المحكمة يقال له ابن الشاهينى، ولما ولج الفرنساوية الأراضى المصرية وتمكنوا منها وعملوا القلاع فوق التلول حوالى المدينة هدموا منارتها وبعض حوائطها الشمالية وتركوها على ذلك.

وكانت ساقيتها تجاه بابها فى علوة يصعد إليها بمزلقان، ويجرى منها الماء إلى الخانقاه على حائط مبنى، وبه قنطرة يمرّ من تحتها الناس وتحت الساقية حوض لسقى الدّواب، ثم ان الشيخ الشرقاوى أبطل الساقية وبنى الزاوية، وعمل لنفسه بها مدفنا وعقد عليه قبة، وجعل تحتها مقصورة وبداخلها تابوتا عاليا مربعا وعلى أركانه عساكر فضة، وبنى بجانبها قصرا ملاصقا لها يحتوى على أروقة ومساكن ومطبخ، وذهبت الساقية من ضمن ذلك وجعلها بئرا وعليها خرزة يملأون منها بالدلو ونسيت تلك الساقية وانطمست معالمها وكأنها لم تكن انتهى.

وفى المقريزى: أن هذه الخانقاه أنشأتها الخاتون (١) طغاى تجاه تربة الأمير طاشتمر الساقى فجاءت من أجل المبانى، وجعلت بها صوفية وقراء، ووقفت عليها الأوقاف الكثيرة، وقرّرت لكل جارية من جواريها مرتّبا يقوم بها.

[ترجمة طغاى]

طغاى: الخوند (٢) الكبرى زوجة الملك الناصر محمد بن قلاوون وأم ابنه الأمير أنوك كانت من جملة إمائه فأعتقها وتزوجها، ويقال أنها أخت الأمير آقبغا عبد الواحد، وكانت بديعة الحسن رأت من السعادة ما لم يره غيرها من نساء ملوك الترك بمصر، ولم يدم السلطان على محبة امرأة سواها، وحج بها القاضى كريم الدين الكبير، واحتفل بأمرها وحمل لها البقول فى محائر طين على ظهور الجمال، وأخذ لها الأبقار الحلاّبة فسارت معها طول الطّريق لأجل اللبن الطرى وعمل الجبن، وكان يقلى لها الجبن فى الغداء والعشاء وإذا كان البقل والجبن بهذه المثابة وهما أخس ما يؤكل فما عساه يكون بعد ذلك، وكان القاضى وأمير مجلس


(١) الخاتون: لفظ تركى معناه السيدة. دخل العالم الإسلامى عن طريق الأتراك.
راجع: (الألقاب الإسلامية فى التاريخ والوثائق والآثار تأليف د. حسن الباشا صفحة ٢٦٤ ط النهضة المصرية ١٩٥٧ م).
(٢) خوند: لفظ فارسى عرفته كذلك اللغة التركية، وأصله (خداوند)، ومعناه: السيد أو الأمير، ويخاطب به الذكور والاناث.
راجع (للمصدر السابق نفسه ص ٢٨٠).