جميع الملل التى تعاملت بالنقود اتخذت لها وحدة تعرف بها قيمتها؛ لتيسر المقارنة بين النقود والمحاسبات، ومعرفة قيم الأشياء.
والمراد بالوحدة: كمية من الفضة قليلة بحيث يسهل نقلها وتقويم الأشياء بها جليلة وحقيرة، وكانت الوحدة عند أهل فرانسا قديما هى الليورا ثم صارت فيما بعد الفرنك.
وعند أهل مصر كانت الوحدة هى الدرهم، ثم صارت الميدى أو القرش، والميدى - غالبا - هو وحدة القرش، والقرش وحدة ما هو أكبر منه من النقود الذهب والفضة.
وقد أخذت الوحدة المعتبرة فى التقويمات والتقديرات من الفضة عند أغلب الأمم، لأنها أكثر من الذهب وجودا ودورانا بين الناس، وفيها سهولة فى المبادلات والتقويمات.
وأما الذهب، وإن كان مجعولا لتقويم الأشياء الثمينة المرتفعة القيمة، فلم يعلم أنه أخذت منه الوحدة مع أنه كان به المحاسبات بمصر فى المعاملات الميرية وغيرها، وكان به تقويم الأشياء فى الأخذ والإعطاء.
ولما حدثت الدراهم الفضة بمصر أبطلت معاملة الفضة التى كانت ترد إليها من البلاد الأجنبية، وكان يتعامل بها فى التجارات وخلافها، ومن حينئذ صار التقدير بالدرهم دون الدينار.
ثم ظهرت الميايدة فبطل التقدير بالدرهم، وصار تقدير جميع الأشياء بالميايدة. واستمر ذلك إلى القرن الثامن من الهجرة، الموافق للقرن الخامس