عشر من الميلاد/ثم بطل التقدير بالميايدة وقدر بالفلوس النحاس، فقدر بها جميع الأشياء حتى نقود الذهب.
ومعلوم أن تقويم نقد الذهب - مثلا - بوحدات من نقد آخر كالفضة يستلزم معرفة النسبة بين قيمتى النقدين، وتلك النسبة لا تثبت على حال واحدة، بل تتغير بأسباب متنوعة: ككثرة أحد المعدنين وقلة الآخر، أو الرغبة فى أحدهما أكثر من الآخر.
وكثير ممن يناظر به أمر المعاملة يكتفى بتعيين قيم نقود الفضة عن تعيين قيم نقود الذهب. ويقتصر فى نقود الذهب على أن ينقش عليها وزنها وعيارها فقط، ويكل تعيين النسبة بين قيمتها وقيمة الفضة إلى التجار ورغباتهم.
ولا يخفى ما فى ذلك من الصعوبة على الناس فى التعامل، إذ أكثر الأهالى يخفى عليه النسبة بينهما، ولا يكفى فى ذلك أن تنشر الحكومة قوانين لذلك، إذ لا يعم ذلك كل الناس بل يكون قاصرا على نحو الصيارفة والتجار الكبار.
ولاحظ ذلك كثير من الأمم فكتبوا قيم النقود الذهب والفضة عليها ليعم ذلك جميع الناس، ولذا وقت أن كان لا يوجد بمصر غير نقود الذهب كان ما يرد عليها من نقود الفضة الأجنبية تعلم نسبته إليها بدون صعوبة.
ولما ظهرت بمصر معاملة الفضة الجديدة، اضطربت الحكومة فى إثبات النسبة بينها وبين نقود الذهب، كما يدل لذلك ما ذكره المقريزى فى غير موضع.
وقد كان لحكام مصر اعتناء زائد بربط قيم النقود خصوصا لمّا قصد بعضهم الربح من ذلك. فكانوا يضربون المعاملة ويأمرون بتمشيتها على قيمة يعينونها لها طلبا للربح، لكن لا يتحصلون على الربح إلا بإحدى طريقتين: إما أن يرفعوا قيمتها مما تستحقه، ويضطرون الناس على التعامل بها بتلك القيمة،