وتمت دائرة الخراب، حين قام العسكر بالقاهرة، بسبب منع جوامكهم، وهجموا بيت الدفتردار، وبيت المحروقى، وهو بيت الشيخ البكرى القديم، وصار الباشا يضرب عليهم بالمدافع من القلعة، حتى خرب خط الأزبكية، ونهب ما فيه، وعملت متاريس عند رأس الوراقين، والعقادين، والمشهد الحسينى. ورتّبت العساكر بجامع أزبك، وبيت الدفتردار، وبيت محمد على، وكوم الشيخ سلامة.
وقام طاهر باشا، وأحضر مدافع من القلعة، وانتشب الحرب بين العساكر العثمانيين وعساكر الأرنؤود بالقاهرة وبولاق وقصر العينى، وانهزم الباشا بعسكره إلى جزيرة بدران ومنها توجه إلى المنصورة، وضرب على أهلها تسعين ألف ريال فرانساوى، ثم توجه إلى دمياط.
فكانت مدته كلها حروب ونهب، وقتل وتخريب، فيها تخربت حارات القاهرة وضواحيها إلا القليل.
وقام بعده بصفته طاهر باشا قائمقام، فأكثر من مصادرة الناس من المسلمين وغيرهم.
وأغدق على الأرنؤود، وصرف جوامكهم، ولم يعط الإنكشارية، فقاموا عليه وقتلوه، فكانت مدته ستة وعشرين يوما.
[[ولاية أحمد باشا]]
وعند هذه الحادثة، كان بمصر أحمد باشا، متوجها إلى المدينة المنورة - على ساكنها أفضل الصلاة والسلام - واليا من قبل الدولة، فعيّنه العساكر واليا على مصر، فلم يرض بذلك محمد على، وقام وملك القلعة، وحضر إليه أكثر الأمراء القبلية، وانضموا إليه، وتفرقوا فى حارات القاهرة، وملكوا بابى النصر والفتوح، وضربت المدافع على بيت أحمد باشا بالداوودية، فتفرق عنه الإنكشارية، وأمر بالخروج من مصر، فامتثل.
[[الأرنؤود يعيثون فى البلاد فسادا]]
ومذ خرج، نهبت العساكر بيته، ولما فارق باب الفتوح، رأى نفسه قد وقع فى وسط العسكر، فلم يسعه إلا الالتجاء إلى قلعة الظاهر، فدخلها محتميا بها، وصفا الوقت حينئذ لمحمد على وعساكر الأرنؤود، فتسلطوا على الإنكشارية، ونهبوا بيوتهم، وقتلوا أعيانهم، فاجتمعوا بمصر العتيقة، وأرادوا التوجه إلى الشام من طريق الصحراء، فهجم عليهم الأرنؤود، وأوقعوا بهم، فقتلوهم عن آخرهم، ولم يبق إلا من اختفى، ففتشوا عليهم البيوت والمساجد، ثم مدوا أيديهم إلى أذى الأهالى، والتعدى عليهم، وتفرّقوا فى النواحى، وأكثروا من السلب، خصوصا بلاد القليوبية والغربية والمنوفية.