وفى سنة ثمان وتسعين ومائتين وألف صار تقسيم الأرض المذكورة، وبيع نصفها، الكائن عن يسار المار بالشارع إلى العتبة الخضراء، فتحصل من ثمنها ستة عشر ألف جنيه مصرية، وشرع أربابها فى بنائها، فبنيت دكاكين وبيوت يفصلها حارات كبيرة وشوارع صغيرة وأصبحت هذه البقعة من أعمر الأخطاط وأصقعها، لقربها من الموسكى والأزبكية، بعد أن كانت قفرة موحشة لا يرغبها إنسان.
فائدة
ترجمة الأمير ازبك
الأزبكية المذكورة منسوبة للأمير أزبك الذى ترجمه ابن إياس فقال، كان أزبك هذا من أجل الأمراء قدرا، وأعظمهم ذكرا، وكان وافر الحرمة، نافذ الكلمة، فى سعة من المال، وكان أصله من معاتيق الظاهر جقمق، ويقال إن أصله من كتابية الأشرف برسباى، واشتراه الظاهر جقمق من بيت المال، وأعتقه فصار من معاتيقه، وصاهره مرتين فى ابنتيه، وتولى عدة وظائف جليلة بمصر، منها حجوبية الحجاب، ورأس نوبة كبير، ثم تولى نائب الشام فى دولة الظاهر بلباى، ثم عاد إلى مصر وتولى الأتابكية فى دولة الأشرف قايتباى سنة ثلاث وسبعين وثمانمائة، وأقام بها مدة، ثم قاسى شدائد ومحنا، ونفى نحو أربع مرات، وسجن بالإسكندرية مرتين.
وكان كفؤا للمهمات السلطانية والتجاريد، وقد سافر فى عدة تجاريد، وكان يطلب الطلبات الحافلة، وصرف على التجاريد من ماله مالا ينحصر. وكان مسعود الحركات فى سائر أفعاله، ذا شهامة وعلو همة، وأظهر العزم الشديد فى قتال عسكر ابن عثمان، ولم يجئ فى الأتابكية بعده مثله، ومات وله من العمر نحو خمس وثمانين سنة. وخلف من الأولاد ولده الناصرى محمدا الذى من بنت الظاهر جقمق وولده يحيى، وصاهره قانصوه خمسمائة فى إحدى بناته وماتت معه، فلما مات ترافع محمد ويحيى بين يدى السلطان، فوضع السلطان يده على تركته من صامت وناطق. قيل، وجد له من الذهب العين سبعمائة ألف دينار، خارجا عن الترك والخيول والقماش والتحف، وخارجا عن جهاز ابنته التى ماتت مع قانصوه خمسمائة، وقد قوّم ذلك بنحو مائة ألف دينار، فحمل ذلك جميعه إلى الخزائن الشريفة. ولولا الذى