للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى منامه، وقال: اسمع يا أبا الحرث: ﴿وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (٥) وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ (١) فأصبح فإذا ابن رفاعة قد لحقه الفالج ومات.

وقال محمد بن وهب: سمعت الليث يقول: إنى لأعرف رجلا لم يأت بمحرّم قط، فعلمنا أنه يعنى نفسه، لأن هذا لا يعلم من أحد، وقال أيضا: شاهدت جنازة الليث، فما رأيت جنازة أعظم منها، ولا أكثر خلقا، ورأيت الناس كلهم عليهم الحزن، ويعزى بعضهم بعضا، فقلت لأبى كل من الناس صاحب الجنازة، قال: لا يا بنى، ولكن كان عالما كريما حسن العقل كثير الأفضال. ويروى أن الشافعى وقف على قبر الإمام الليث وقال: (لله درّك يا إمام، لقد حزت أربع خصال لم يكملن لعالم: العلم والعمل والزهد والكرم). وهو أحد مشايخ البخارى ومسلم، ولو استوعبنا مناقبه لضاق عنها هذا المختصر، وكان قبره مصطبة، ثم بنى عليها هذا المشهد بعد سنة أربعين وستمائة، وقيل إن الذى بناه ابن التاجر، وهو مكان مبارك معروف بإجابة الدعاء.

[ترجمة الإمام شعيب ابن الإمام الليث]

وبهذا المشهد أيضا قبر ابنه الإمام الفقيه المحدث شعيب بن الليث بن سعد، كان من أجلاء العلماء المحدثين، قال ابن أبى الدنيا:

حج شعيب بن الليث سنة فتصدق بمال عظيم، فمر عليه رجل من العلماء فسأل عنه، فقيل له: هذا العالم الكريم ابن الكريم، ولما دخل دمشق جاءه رجل وقال له: أنا عبد أبيك، معى لأبيك تجارة ألف دينار،


(١) سورة القصص، الآية ٥، ٦.