للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة أكثر من ثمانين ألف دينار وما وجبت عليه زكاة قط، لأن الحول كان لا ينقضى حتى ينفقها، وكانت له قرية بمصر يقال لها: الفرما، مهما حمل إليه من خراجها يجعله صررا، ويجلس على باب داره، ويعطى من مر به من المحتاجين صرة صرة، حتى لا يدع من ذلك إلا اليسير. وحمل إلى بغداد ليفتى الرشيد فى زوجته زبيدة، وأمر له بخمسة آلاف دينار، فردّها، وقال: ادفعها لمن هو أحوج منى.

وقال يحيى بن بكير: كانوا يزدحمون على باب الليث، فيتصدق عليهم فلا يترك أحدا، وتصدق وأنا معه على سبعين بيتا من الأرامل، ثم بعث غلاما له بدرهم فاشترى به خبزا وزيتا، ثم جئت إلى بابه، فرأيت عنده أربعين/ضيفا، فأخرج إليهم اللحم والحلوى، فلما أصبح قلت لغلامه: بالله عليك لمن الزيت والخبز، قال: لسيدى. فتعجبت من كونه يطعم أضيافه اللحم والحلوى، وهو يأكل الخبز والزيت.

ومن مناقبه أن رجلا من أهل مصر صودر فى أيامه، ونودى على داره، فبلغت أربعمائة درهم، فاشتراها الليث، وبعث يونس بن عبد الأعلى الصدفى يأخذ المفاتيح، فوجد فى الدار أيتاما وعائلة، فقالوا:

بالله عليك اتركنا إلى الليل؛ حتى ننظر خربة نذهب إليها، فجاء إلى الليث وأخبره بالقصة فبكى، وقال له: عد إليهم وقل لهم: الدار لكم، ولكم ما يقوم بكم فى كل يوم. وقال حسن بن سعد خرجنا مع الليث إلى الإسكندرية ومعه ثلاث سفن، سفينة فيها مطبخه، وسفينة فيها عياله، وسفينة هو فيها وأصحابه، فقلنا له: يا سيدى نسمع منك أحاديث ما هى فى كتبك، فقال: لو كان كل ما فى صدرى موضوعا فى كتبى، ما وسعتها هذه السفينة.

وروى الفتح بن محمود عن أبيه، قال: بنى الليث داره فهدمها ابن رفاعة فى الليل، ثم بناها فهدمها أيضا، فلما كانت الليلة الثالثة أتاه آت