نقرة، فلم يسع التجار إلا استئجار حوانيتها، وصار كثير منهم يقوم بأجرة الحانوت الذى ألزم به فى هذه القيسارية من غير أن يترك حانوته الذى هو معه باحدى القيساريتين المذكورتين ونقل أيضا صناع الأخفاف وأسكنهم فى الحوانيت التى خارجها، فعمرت من داخلها وخارجها بالناس فى يومين، وجاء إلى مخدومه الأمير بيبرس، وكان قد ولى السلطنة وتلقب بالملك المظفر قال: بسعادة السلطان أسكنت القيسارية فى يوم واحد، فنظر إليه طويلا وقال:
يا قاضى إن كنت أسكنتها فى يوم واحد فهى تخلو فى ساعة واحدة، فجاء الأمر كما قال.
وذلك أنه لما فر بيبرس من قلعة الجبل لم يبت فى هذه القيسارية لأحد من سكانها قطعة قماش بل نقلوا كل ما كان لهم فيها، وخلت حوانيتها مدة طويلة، ثم سكنها صناع الأخفاف كل حانوت بعشرة دراهم، وفى حوانيتها ما أجرته ثمانية دراهم، وهى الآن جارية فى أوقاف الخانقاه الركنية بيبرس، ويعرف الخط الذى هى فيه اليوم بالأخفافيين رأس الجودرية (انتهى)، (قلت): وفى وقتنا هذا محلها يعرف بالمشيخة، وبها عدة حوانيت من الجانبين يصنع فيها البلغ البلدى ونحوها من مراكيب المغاربة، وأغلب سكانها من المغاربة، وهى بجوار سوق المؤيد على رأس حارة الجودرية.
انتهى ما يتعلق بوصف حارة الجودرية التى بجهة اليسار من هذا الشارع.
[[حارة المحروقى]]
وأما جهة اليمين فبها الحارة المعروفة بحلقوم الجمل، وتعرف أيضا بحارة المحروقى، وهى التى سماها المقريزى فى ترجمة المدرسة الشريفية بدرب كركامة حيث قال: هذه المدرسة بدرب كركامة على رأس حارة الجودرية. (انتهى).
ويسلك من هذه الحارة إلى سوق الفحامين وإلى التربيعة وغيرها، وعرفت بالمحروقى لأنه أنشأ داره الكبيرة بها، وكان محلها دكة الحسبة التى ذكرها المقريزى فى خططه، وهذه الدار تتصل بسوق الفحامين وبها حديقة متسعة، وهى الآن مملوكة لعدة أشخاص، وفى مقابلتها دار أخرى بجوار زاوية ابن العربى معدة الآن لسكن الجلاّبة تعرف بدار المحروقى أيضا لأنها من إنشاء السيد محمد المحروقى بن المحروقى الكبير.