الشحنة فما أمكنه فجلس متزحزحا عن الحلقة، فقال له أبوه: أما علمت أن الجالس وسط الحلقة ملعون. قال: ولست أعرفه بإتقان علم، ولا أتى على طرفى كتاب فيما أظن قراءة ولا إقراء، ولا كانت له ملكة فى المباحثة؛ لسرعة غضبه المؤدى إلى اختلال تصوّره مع وفور ذكائه.
وكان سيئ العارية لكتب الملك والوقف، وجد بتركته نحو خمسمائة مجلد من كتب الأوقاف وضاع للناس عنده أشياء، وهو فى أكثر أوقاته راكن إلى البطالة والتنعم، والمشى على قانون كبار المباشرين وإدمان لعب الشطرنج، وتصدر منه حالة اللعب كلمات خارجة عن الحد مع الكبير والصغير، هذا مع محبته للإطعام ورغبته فى التصدق على الفقراء وبذل جاهه مع من يقصده، وعلو همته وصفاء خاطره جدا وسرعة انفعاله وقرب رجوعه واعترافه بالتقصير، وتهجده واعتقاده فيمن ينسب إلى الصلاح.
وكان من أكبر المناضلين عن ابن عربى، وبالجملة فلم أتوهم فى عقيدته إلا الخير، وتردد للكمال ابن البارزى واجتهد أن يكون هو القارئ فى نسخته فأجيب، وكان يتحامق فى قراءته ويتضايق ويحمر وجهه ولا يهتدى لصواب ولا لغيره، وولى الخطابة والإمامة بالجامع الجديد بمصر، واستقر فى تدريس الفقه بالقطبية برأس حارة زويلة وبأم السلطان بالتبانة وغير ذلك، وامتدت عنقه لقضاء مصر بمبلغ فما قدر، واستقر فى مشيخة مسجد خان السبيل وقف قراقوش، واختص فى معلومه وفى مرتبه بطاحون وفرن من الجارى فيه، وفى خزانة الكتب بالبيبرسية وغير ذلك، وكتب على بعض الدروس فى التفسير وغيره ولم تكن كتابته بذاك.
ولم يزل على وجاهته إلى أن مات من استعمال الحقن والأدوية الحادة سنة تسع وسبعين وثمانمائة، ودفن تجاه تربة الأشرف إينال.
[ترجمة الشيخ عبد الله السمنودى المعروف بابن صعلوك]
وينسب إليها أيضا عبد الله بن أحمد بن محمد بن على بن عمر الجمال السمنودى الشافعى ويعرف بابن صعلوك، قال السخاوى: لقيته بسمنود فكتبت عنه قوله: