ثم ان منشئ هذا المسجد كما فى الجبرتى هو الأمير عثمان كتخدا القازدغلى تابع حسن جاويش القازدغلى والد عبد الرحمن كتخدا صاحب العمائر. تنقل فى مناصب الوجاقات فى أيام سيده وبعدها إلى أن تقلد الكتخدئية وصار من أرباب الحل والعقد وأصحاب المشورة، واشتهر ذكره ونما صيته خصوصا لما تقلبت الدول وظهرت الفقارية.
ولما وقع الفصل فى سنة ثمان وأربعين ومائة وألف، ومات الكثير من أعيان مصر غنم المترجم أموالا كثيرة من المصالحات والتركات.
ولم يزل أميرا متكلما بمصر وافر الحرمة مسموع الكلمة/إلى أن قتل مع من قتل ببيت محمد بيك الدفتر دار، ولم يكن مقصودا بالذات فى القتل انتهى.
ومن مآثره كما فى حجة وقفيته المؤرخة بسنة تسع وأربعين ومائة وألف ما ملخصه أنه لما أراد بناء المسجد والسبيل والمكتب والحمام اشترى أملاكا كثيرة نحو خمسة وعشرين موضعا من رباع وبيوت وخلافها، وجعل فيها هذا الجامع وما يتبعه، ووقف عليه أوقافا من رباع وحوانيت وخانات ونحو ذلك ما بين أملاك وخلوات فى عدة جهات كالأزبكية وخط الساحة والموسكى، وسويقة الصاحب وخط الوزيرية وخط بين القصرين وباب البحر وباب النصر والحبانية وخط الأزهر وغير ذلك.
ووقف أطيانا فى عدة جهات كناحية اللخميين والخرقانية ورزقة بالزاوية الحمراء من ضواحى القاهرة قدرها أربعة عشر فدانا، وبجزيرة الفيل ثمانية وعشرين فدانا وأرضا بناحية غمرين من المنوفية، ورزقة بناحية بنى غمرين وأرضا بناحية منية بشارو. أنشأ باللخميين مسجدا ودولابى ساقية على شط البحر، وبالزاوية الحمراء قصرا وجنينة ورتب بدفتر المتقاعدين بالمدينة المنورة كل سنة برسم قراءة القرآن مائة وأربعة وستين عثمانيا، وبدفتر متقاعدين جاويشان بالأنبار الشريف كل شهر عشرة أرادب قمح، وبدفتر الأيتام برسم قراءة القرآن مائتين وستة وسبعين عثمانيا، وبدفتر الكشيدة أربعة وخمسين عثمانيا برسم كسوة الأيتام وقراءة القرآن بباب البغداد لى بالقلعة، وبدفتر مستحفظان برسم مصاريف مكتب وسبيل زاوية القلعة مائتى عثمانى، وبدفتر مستحفظان برسم مصاريف مسجد الأزبكية مائتين أيضا.