وفى الجبرتى أيضا أن محمد أفندى الودنلى المار الذكر هو الأجل المكرم المهذب فى نفسه، النادرة فى أبناء جنسه، محمد أفندى الودنلى الذى عرف بناظر المهمات، ويعرف أيضا (بطبل) أى: الأعرج لانه كان به عرج، قدم إلى مصر فى أيام قدوم الوزير يوسف باشا، وولاه محمد باشا خسرو كشوفية أسيوط، وفى ولاية العزيز محمد على باشا، جعل ناظرا على مهمات الدولة، وسكن بيت سليمان أفندى ميسو، بعطفة أبى كلبة بناحية الدرب الأحمر، فتقيد بعمل الخيام والسروج، والبيارق ولوازم الحرب، فضاقت عليه الدار، فاشترى بيت ابن الدالى باللبودية، وهى دار واسعة متخربة هى وما حولها من الدور والرباع والحوانيت، فعمرها وسكن بها ورتب بها ورشات للأشغال والصنائع، والمهمات المتعلقة بالدولة كسبك المدافع، والجلل والقنابر والمكاحل والعربات، وغير ذلك من الخيام والسروج، ومصاريف طوائف العسكر الطوبجية والرماة، وعمّر ما حول تلك الدار من الرباع والحوانيت، والمسجد الذى بجواره ومكتبا لإقراء الأطفال، ورتب فى المسجد تدريسا قرر فيه الشيخ أحمد الطهطاوى المذكور ومعه عشرة من الطلبة، ورتب لهم ألف عثمانى تصرف لهم من الرزنامة، خلاف ما للأطفال من الكسوة وغيرها.
وفى عيد الأضحى يشترى جواميس وكباشا، يذبح منها ويفرق على الفقراء والموظفين، ويرسل إلى أصحابه كباشا يذبحونها فى بيوتهم، على قدر مقاديرهم من كبش أو كبشين، ويرسل كل ليلة من رمضان، عدة قصع مملوأة بالثريد واللحم إلى فقراء الأزهر، واتفق أن الباشا قصد تعمير المجراة والسواقى التى كانت تنقل الماء من النيل إلى القلعة، وكانت قد تهدمت وبطل عملها