عليهم سعادة الباشا، ومنها أنه أراد إيقاع الفتن لينقض دولة الباشا ويولى خلافه ويجمع عليه طوائف المغاربة والصعائدة وأخلاط العوام وغير ذلك، وكتبوا عليه أسماء كثيرة من المشايخ، فامتنع البعض وحصل بينهم منافسات ومخالفات، وكان المترجم من الممتنعين، فزادوا فى التحامل عليه خصوصا الشيخ السادات، والشيخ الأمير وخلافهما/.
واتفق أنه دعى إلى وليمة عند الشيخ الشنوانى بحارة حوش قدم، وتأخر حضوره عن المشايخ، فصادفهم حال دخوله خارجين فسلم عليهم ولم يصافحهم لما سبق منهم فى حقه من الإيذاء، فتطاول عليه ابن الشيخ الأمير، ورفع صوته بتوبيخه وشتمه لكونه لم يقبّل يد والده، ثم اتفق بعد ذلك الأشياخ والمتصدرون على عزله من إفتاء الحنفية، وأحضروا الشيخ حسين المنصورى، وركبوا صحبته بعد أن مهدوا القضية، فألبس القائم مقام الشيخ حسينا فروة ثم نزلوا وطافوا للسلام عليه وخلعوا عليه الخلع، فلما بلغ المترجم ذلك، طوى الخلع التى كانوا ألبسوها له عند تقليده بالإفتاء بعد موت الشيخ إبراهيم الحريرى وأرسلها لهم، وكان الشيخ السادات ألبسه حين ذاك فروة، فلما ردها عليه احتّد واغتاظ، وأخذ يسبه ويذكر لجلسائه جرمه، ويقول: انظروا إلى هذا الخبيث، كأنه جعلنى مثل الكلب الذى يعود فى قيئه، واعتكف المترجم فى داره لا يخرج منها إلاّ إلى الشيخونية بجواره، واعتزلهم وترك الخلطة بهم، وتباعد عنهم وهم يبالغون فى ذمه والحط عليه، لكونه لم يوافقهم، ثم لما مات الشيخ حسين المنصورى أعيد إلى مشيخة الحنفية، وذلك غرة شهر صفر سنة ثلاثين ومائتين وألف ولبس الخلع من الشيخ الشنوانى شيخ الأزهر، ولم يختلف عليه اثنان، ومات ليلة الجمعة بعد الغروب، خامس عشر رجب سنة إحدى وثلاثين ومائتين وألف، وله من المآثر «حاشية على الدر المختار [فى] شرح تنوير الأبصار» فى أربع مجلدات جمع فيها المواد التى على الكتاب، وضم إليها زيادات و «حاشية على شرح مراقى الفلاح» فى مجلدين، انتهى.