للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يخرجها من جيبه ويقص ما فيها ويأمره بقضاء جميعه والأمير لا يخالفه ولا ينقبض منه، ولما بنى ذلك الأمير مدرسته تعين المترجم للتدريس بها داخل القبة على الكرسى، وابتدأ بها البخارى وحضره كبار المدرسين مع إدامة الدرس بالأزهر وغيره، وكان يقرأ فى مسجد الغريب عند باب البرقية فى وظيفة جعلها له عبد الرحمن كتخدا، ووظيفة بعد الجمعة بجامع مرزة ببولاق، وكان على قدم السلف فى التقوى والاشتغال وشرف النفس ولا يركب إلا الحمار، ويواسى أهله وأقاربه، ويرسل إلى فقرائهم الصلات حتى الطرح للنساء والمداسات، ولم يزل على الإقراء والإفادة حتى تمرض أياما قليلة بجراح فى ظهره، وتوفى عاشر رجب سنة ١١٨٩، ودفن بالبستان بالقرافة الكبرى، انتهى جبرتى (١).

[ترجمة الشيخ محمد عبادة]

وفيه أيضا (٢): أن من علمائها أحد الأئمة الأعلام وأوحد فضلاء الأنام، الشيخ محمد ابن عبادة بن برى المالكى، ينتهى نسبه إلى ابن صالح المدفون بالعلوة فى بنى عدى، قدم مصر سنة أربع وستين ومائة وألف، وجاور بالأزهر وحفظ المتون، ثم حضر على شيوخ الوقت مثل الشيخ على العدوى المذكور، والشيخ عمر الطحلاوى، والشيخ خليل، والشيخ البيلى، وأخذ المعقولات عن شيخه الشيخ على العدوى وغيره، ولازمه ملازمة كلية، وانتسب إليه حسا ومعنى، وصار من نجباء تلامذته، ودرس الكتب الكبار فى الفقه والمعقول، ونوه الشيخ بفضله وأمر الطلبة بالأخذ عنه، وصار له باع طويل فى العلوم وفصاحة فى التقرير والتحرير وقوة استحضار، ثم تصدى للتأليف فألف حاشية على شرح الشذور لابن هشام، وحاشية على مولد النبى للغيطى،


(١) تاريخ الجبرتى، المرجع السابق، ج ١، ص ٤٢٠ - ٤٢١.
(٢) تاريخ الجبرتى، المرجع السابق، ج ١، ص ٦١.