فيه الجمعة، بناه القاضى فخر الدين ناظر الجيش فى أيام الناصر محمد بن قلاوون، وهو الذى تنسب إليه «قنطرة الفخر». وذلك فى حدود سنة ثلاثين وسبعمائة، ثم جدده الصاحب شمس الدين المقسى، فصار يقال له «جامع المقسى»، ونسى اسم الفخر، ثم عمره سلطان عصرنا وزماننا الملك الأشرف أبو النصر قايتباى - أدام الله أيامه - وأقام على عمارته الجناب العالى البدرى سيدى حسن الطولونى - أعزه الله تعالى - فزاد فيه ووسعه، وبالغ فى إتقانه وزخرفته بحيث قل أن يرى فى الجوامع مثله، فى حسن بهجة، وكان ابتداء ذلك فى ربيع الأول سنة ست وثمانين وثمانمائة، وعمل فيه ناعورة على وضع غريب، بحيث تدور بحمار ينقل قدميه وهو واقف من غير أن يمشى ولا يدور، وركب عليها طاحونا يدور بدورانها، وصار يسمى «جامع السلطان» ونسى به اسم المقسى، كما نسى باسم «المقسى» اسم «الفخر».
ثم أمر السلطان نصره الله أن يزاد فى هذا الجامع زيادة أخرى فزيدت، وذلك فى سنة إحدى وتسعين، وأنشأ حول الجامع الغراس والعمائر الحسنة، فعمرت تلك البقعة، وأحييت الروضة بعدما كادت تدرس محاسنها، وفى زماننا هذا - يعنى إحدى وتسعين ومائتين وألف - تقام بهذا الجامع شعائره، وهو مشهور «بجامع قايتباى»(١) ويجاوره من الأبنية منزل ورثة المرحوم رأفت بيك من قبلية، ومن شرقية منزل ورثة المرحوم شافعى بيك الطبيب، ومن بحرية طريق فاصل بينه وبين بستان ورثة المرحوم أحمد باشا المنكلى.
[(جامع الريس)]
قال السيوطى فى كتابه «كوكب الروضة»: هذا الجامع رابع جامع أحدث بالروضة، وكان أول إنشائه زاوية أنشأها الشيخ محمد بن أصيل بن
(١) انظر: حسن عبد الوهاب: تاريخ المساجد الأثرية، ج ١، ص ٢٧٣.