فى طريقه فحط بعرضيه/فى ناحية المحرقة بدهشور بقرب عساكر محمد على باشا، وبينما الفريقان مصممان على وقوع الحرب صبيحة اليوم الثانى، إذ ورد الخبر على محمد على أن الألفى قدمات يوم وصوله إلى تلك الناحية، وذلك ليلة الأربعاء التاسع والعشرين من الشهر، نزل به خلط دموى وتقايا ثم مات، وأن مماليكه اجتمعوا وأمروا عليهم شاهين بيك، وأن طائفة أولاد على انفصلوا عنهم ورجعوا إلى بلادهم قاصدين الأمان، فعدّ ذلك من سعد محمد على باشا وفرح بذلك فرحا شديدا، حتى قال فى مجلس خاصته:«الآن ملكت مصر». ولما مات الألفى ارتحلت أجناده ومماليكه ناحية قبلى، وانفك الحصار عن دمنهور.
وأما ما كان من رد جوابات العلماء والمشايخ، فإن قبطان باشا لما وصلته المكاتيب لم يقبل أعذارهم وكتب بتنفيذ الأوامر السلطانية، وأرسل الكتاب على يد المكتبجى فحضر إلى بولاق، فأرسل إليه الباشا حصانا فركب إليه بالأزبكية، وكان الأمراء المصريون غير مؤتلفين بسبب حقد عثمان بيك البرديسى للألفى. وطالت إقامة القبطان بالاسكندرية، ولم يجد فى المصريين الاسعاف وتحقق له تنافرهم، وتكررت بينه وبينهم المكاتبات من دون نتيجة، فمال إلى محمد على، وعلم أن الأولى له موافقته، فأرسل إليه المكتبجى فاستوفى منه أضعاف ما كان المصريون وعدوه به.
وأمر محمد بكتابة عرضحال، غير الأول، يرسله صحبة ابنه على يد القبطان، فعند ذلك نمقوا عرضحالا، وختمت عليه الأشياخ والاختيارية والوجاقلية، وأرسله صحبة ابنه إبراهيم باشا، وأصحب معه هدية حافلة وخيولا وأقمشة هندية، ومن ذاك ضاعت تدبيرات الأمراء المصريين، ومضمون العرضحال:
[[صورة عرضحال آخر فى حق محمد على باشا للدولة العلية]]
«إن محمد على باشا كافل الإقليم وحافظ ثغوره، ومؤمن سبله وقامع المعتدين، وأن الكافة من الخاصة والعامة راضون بولايته وأحكامه وعدله، والشريعة مقامة فى أيامه، ولا يرضون خلافه، لما رأوا فيه من عدم الظلم، والرفق بالضعاف، وأهل القرى والأرياف، وعمارها بأهلها ورجوع الشاردين منها فى أيام المماليك المعتدين