الذين كانوا يتعدون عليهم، ويسلبون أموالهم ومزارعهم ويكلفونهم بأخذ الفرض والكلف الخارجة عن الحد، أما الآن فجميع أهل القطر المصرى أمنوا واطمأنوا بولاية هذا الوزير، ويرجون من مراحم الدولة العلية أن يبقيه واليا عليهم ولا يعزله عنهم لما تحققوا فيه من العدل وإنصاف المظلومين، وإيصال الحقوق لأربابها، وقمع المفسدين من العرب الذين كانوا يقطعون الطرقات على المسافرين، ويتعدون على أهل القرى، ويأخذون مواشيهم وزرعهم، ويقتلون من يتعدى عليهم منهم، إلى غير ذلك، … ».
ثم إن إبراهيم باشا سافر بالهدية والمكتوب، فى ست من شهر رجب، ثم حضر كتخدا قبطان باشا بمرسوم قرئ فى محفل من الأمراء والعلماء مضمونه:
إبقاء محمد على باشا على ولاية مصر، وأنه يقوم بالشروط التى منها؛ طلوع الحج ولوازم الحرمين، وإيصال العلائف والغلال لأربابها، وليس له تعلق بثغر رشيد ولا دمياط ولا الإسكندرية، فإن إيرادها يضبط إلى الترسخانة السلطانية، وأن يرضى خواطر الأمراء المصرية، ويمتنع عن محاربتهم ويعطيهم جهات يتعيشون بها.
وانفض المجلس، وضربت المدافع بالقلعة، وانتشر المبشرون إلى بيوت الأكابر لأخذ البقشيش، وعملوا شنكا وحراقات ثلاث ليال بالأزبكية.
وارتحل قبطان باشا وموسى باشا، وسافروا إلى اصطنبول وصحبتهم إبراهيم باشا، وذلك يوم السبت خامس شعبان، وبقى كتخدا قبطان باشا بمصر حتى يستغلق مال المصالحة. وبعد أيام قلائل ورد على ثغر بولاق قابجى وبيده تقرير لمحمد على باشا باستمرار ولاية مصر وخلعة ووثيقة.
وحضر المشايخ والأعيان والاختيارية، ونصبت سحابة بحوش البيت بالأزبكية، وقرئت المرسومات، وهما فرمانان:
أحدهما، يتضمن تقرير الباشا على ولاية مصر بقبول شفاعة أهل البلد والمشايخ والأشراف.
والتالى، يتضمن الأوامر السابقة بإجراء لوازم الحرمين وطلوع الحاج، وإرسال غلال الحرمين والوصية بالرعية، وتشهيل غلال قدرها ستة آلاف أردب وتسفيرها على