فأقام بداره بمصر سبعة وعشرين يوما، ثم خرج إليه الأمر بعوده إلى القاهرة، فعاد إلى قصره هذا ليلة الجمعة الخامس والعشرين من رمضان، فأقام به لا يركب ولا يدخل إليه أحد إلا أتباعه وخدمه، وأطلقت له رسومه وجراياته التى كانت فى أيام العزيز بالله، ومبلغها عن اللحم والتوابل والفواكه خمسمائة دينار فى كل شهر، وفى اليوم سلة فاكهة بدينار، وعشرة أرطال شمع، ونصف حمل ثلج، فلم يزل بداره إلى يوم السبت الخامس من شوال سنة تسعين وثلثمائة، فأذن له الحاكم فى الركوب إلى القصر وأن ينزل موضع نزول الناس، فواصل الركوب إلى يوم الاثنين رابع عشره، فحضر عشية إلى القصر، وجلس مع من حضر، فخرج إليه الأمر بالانصراف، فلما انصرف ابتدره جماعة من الأتراك وقفوا له فقتلوه واحتزوا رأسه، ودفنوه مكانه، وحمل الرأس إلى الحاكم، ثم نقل إلى تربته بالقرافة، فدفن فيها.
وكانت مدة حياته بعد عزله إلى أن قتل ثلاث سنين وشهرا واحدا وثمانية وعشرين يوما.
وهو من جملة وزراء الدولة المصرية، وولى بعده برجوان. (انتهى).
وكان بحارة كتامة أيضا الخوخة المعروفة بخوخة المطوع التى ذكرها المقريزى حيث قال:
هذه الخوخة بحارة كتامة بأولها مما يلى جامع الأزهر عند إصطبل الحسام الصفدى، عرفت بالمطوع الشيرازى. (انتهى). (قلت): وموضعها لم يعرف الآن.
[حارة المدرسة]
وبها أيضا خوخة عسيلة. قال المقريزى: يسلك منها إلى حارة الباطلية. (قلت):
وتعرف فى وقتنا هذا بحارة المدرسة، لأن بها زاوية قديمة تعرف بزاوية الشيخ عبد العليم الخلوتى لدفنه بها.
[زاوية الشيخ عبد العليم]
وهى بجوار حارة كتامة بين الأزهر والباطلية، يصعد إليها بدرج لارتفاع أرضها، وبها إيوان لطيف مسقوف، وضريح الشيخ عبد العليم المذكور عليه مقصورة من الخشب، ولها ميضأة وأخلية وبئر، وشعائرها مقامة قليلا .. وكانت تعرف أولا بالمدرسة الشعبانية - كما فى الجبرتى - وبزاوية القاضى أحمد بن شعبان، والذى يظهر أنها هى المدرسة التى تنسب إليها حارة المدرسة، لأنها قديمة جدا، والشيخ عبد العليم قريب عهد لأنه من علماء هذا القرن.
ومدفون بهذه الزاوية أيضا الشيخ أحمد المرصفى الكبير الشافعى. كان من خيار العلماء، وهو والد الشيخ حسين المرصفى مدرس العربية والأدب بدار العلوم بالمدارس الملكية. ومدفون بها أيضا الشيخ عبد الفتاح الحريرى الحنفى مع والده رحم الله الجميع.