للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جاءت طائفة فسألت عطاء، فقيل لها: فرغ ما كان حاضرا ولم يبق شئ، فقالوا: رحنا نحن فى الباطل، فسموا بالباطلية وعرفت هذه الحارة بهم.

وفى سنة ثلاث وستين وستمائة احترقت حارة الباطلية عندما كثر الحريق فى القاهرة ومصر، واتّهم النصارى بفعل ذلك، فجمعهم الملك الظاهر بيبرس، وحملت لهم الأحطاب الكثيرة والحلفاء وقدموا ليحرقوا بالنار، فتشفع لهم الأمير فارس الدين أقطاى أتابك العساكر على أن يلتزموا بالأموال التى احترقت، ويحملوا إلى بيت المال خمسين ألف دينار، فتركوا وجرى فى ذلك ما تستحسن حكايته، وهو أنه قد جمع مع النصارى سائر اليهود، وركب السلطان ليحرقهم بظاهر القاهرة، وقد اجتمع الناس من كل مكان للتشفى بحريقهم لما نالهم من البلاء فيما دهوا به من حريق الأماكن لا سيّما الباطلية، فإنها أتت النار عليها حتى حرقت بأسرها. فلما حضر السلطان وقدّم اليهود والنصارى ليحرقوا برزا من الكازرونى اليهودى، وكان صيرفيا، وقال للسلطان: سألتك بالله لا تحرقنا مع هؤلاء الكلاب أعدائنا وأعدائكم، وأحرقنا فى ناحية وحدنا، فضحك السلطان والأمراء، وحينئذ تقرر الأمر على ما ذكر، فندب لاستخراج المال منهم الأمير سيف الدين بلبان المهرانى، فاستخلص بعد ذلك فى عدة سنين، وتطاول الحال فدخل كتّاب الأمراء مع مخاديمهم، وتحيلوا فى إبطال ما بقى، فبطل فى أيام السعيد بن الظاهر.

وكان سبب فعل النصارى لهذا الحريق حنقهم لمّا أخذ الظاهر من الفرنج أرسوف وقيسارية وطرابلس ويافا وأنطاكيا.

وما زالت الباطلية خرابا والناس تضرب بحريقها المثل لمن يشرب الماء كثيرا، فيقولون:

«كأن فى باطنه حريق الباطلية». ولما عمّر الطواشى بهادر المقدم داره بالباطلية عمّر فيها مواضع بعد سنة خمس وثمانين وسبعمائة. وبهادر هذا من مماليك الأمير يلبغا أقام فى تقدمة المماليك جميع الأيام الظاهرية، وكثر ماله، وطال عمره حتى هرم ومات فى أيام الملك الناصر فرج، وهو على إمرته وفى وظيفته تقدمة المماليك السلطانية. وموضع داره من جملة ما كان احترق من الباطلية. (انتهى).

***

[شارع جامع أصلان]

أوله من شارع التبّانة تجاه جامع عارف باشا بجوار شارع سويقة العزى، وآخره درب المحروقى وسكة بير المش، وطوله ثلثمائة واثنان وأربعون مترا. عرف بجامع أصلم المشهور عند العامة بجامع أصلان داخل الحارة المعروفة به. أنشأه الأمير بهاء الدين أصلم السلاحدار