للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنين، فهول عليه المعمارجية أمرها، وقالوا: إنها تحتاج إلى خمسمائة كيس فى عمارتها، فعرض ذلك على المترجم، فقال: أنا أعمرها بمائة كيس بل بثمانين، وشرع فى عمارتها فأتمها على ما هى عليه الآن، وعمّر أيضا عدة سواق، وأجرى فيها الماء إلى القلعة ونواحيها، فرخص الماء وكثر فى تلك الأخطاط، وكانوا قد قاسوا شدة من عدم الماء عدة سنين، ومن مآثره الحميدة، أنه سعى عند الباشا بإبطال ما كان يفعله القلفات المتقيدون بالمراكز وأبواب المدينة، من المظالم والسلب، فإنهم كانوا يأخذون من الواردين والخارجين والمسافرين من الفلاحين، على جميع ما معهم ولو حطبا أو برسيما أو تبنا أو سرجينا دراهم وفلوسا، حتى ما تبيعه المرأة الفقيرة على رأسها فى المقاطف من رجيع البهائم، فيحجزونها ولا يدعونها تمر فى الشوارع حتى تدفع نصف فضة، وإذا اشترى شخص من بولاق أو مصر القديمة اردب غلة أو حملة حطب، أخذ منه المتقيدون عند قنطرة الليمون، فإذا خلص منهم استقبله القاعدون بالباب الحديد، وهكذا سائر الطرق التى يمر بها الداخلون والخارجون، كباب النصر وباب الفتوح، وباب الشعرية وباب العدوى، والأزبكية وباب القرافة، والبرقية وطرق مصر القديمة، وكان لهؤلاء المقيدين علائف يقبضونها من الباشا، ويأخذون تلك الأشياء زيادة عليها، ويقتسمونها بينهم، وكانوا يجمعون من ذلك مبلغا من الفضة العددية، خلاف ما يأخذونه من الأشياء المحمولة، كالجبن والزبد والخيار والقثاء، والبطيخ والفاكهة والبرسيم، والحطب والخضروات وغير ذلك، فأبطل جميع ذلك، وكتب/ الباشا بيورلديا بمنع المذكورين من التعرض لأخذ جليل أو حقير.

ومن محاسنه أيضا أنّه تسبب فى منع ما كان يفعله الجاوشية والقوّاصة الأتراك المختصون بخدمة الباشا والكتخدا، من سلب الأموال من الأعيان وأرباب المظاهر، وذلك أنهم كانوا كل يوم جمعة يلبسون أحسن ملابسهم،