للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتخرب البستان، ولم يبق إلا بعض جميز، والخليفة بأمر الله قد أحرق هذا الدير وهدمه، ثم بناه أحد الأمراء من أهالى وسيم، وترتب له بأمر الحاكم إيراد سنوى، ولما توجه الخليفة الآمر بأحكام الله لزيارة محمد بن فاتك، ذهب إلى الدير ليطلع عليه، فوجد بابه منخفضا، فلم يرض الخليفة بالدخول منحنيا، بل جلس، وجعل وجهه لخارج، ودخل القهقرى، ولما جاوز الباب قام ومشى إلى المحراب، وطلب من أحد القسيسين تعيين محل الصلاة، فوقف فيه وجعل القسيس فى مقابلته، ثم طاف بالكنيسة وبعد ذلك أكل عند الرهبان، ثم وهبهم ألف دينار، ورجع قبل الغروب، وكان فى السابق لا يتوصل إلى المحراب إلا بعد نزول وصعود فى عدة درج، وقد ردم الشيخ أبو الفضل الفجوة، وغطاها بحجر، وجعل أمام المحراب سترا متكئا على ثلاثة أعمدة من الرخام.

وكان الخليفة أيام ذهابه للصيد يتوجه مع أمرائه وعساكره لزيارة هذا الدير، وبنى فيه من جهته البحرية منظرة عالية عليها قبة، وجعل بابها خارج الدير، وكان يصعد إليه بسلم من الحجر، وقد أكلت الأرضة خشب هذا القصر من ذاك الوقت فانهدم، ولم يبق منه شئ، وكان الخليفة يتردد إلى هناك، ويقيم ليالى، وكل مرة يأكل هناك، ويهدى إلى الرهبان ألف دينار، فاجتمع لهم من ذلك خمسة وعشرون ألف دينار، فبنوا بها السور الذى كان قد تهدم، وبنوا برجا قريبا منه، فكان ينقل الحجارة والطوب للبناء كل يوم أربعون جملا، وكان فى داخل البرج بئر بها عين ماء، وكانت مغطاة بسقف، وقد طلب الرهبان من الخليفة أن يعطيهم قطعة أرض ليزرعوها فأجابهم إلى ذلك، وأعطاهم ثلاثين فدانا من قسم بهرمس بمديرية الجيزة، فبقيت تلك الأراض تحت أيديهم، إلى أن دخلت الأكراد أرض مصر سنة أربع وستين وخمسمائة، ولم يبق لهم بعد ذلك إلا ما يحصلونه من الصيد، ودخل الدير يوما كاتب من أهل الفسطاط، ليشرب فوجد الماء به قليلا، فحفر فى داخل البرج/فى مقابلة حائطه الجنوبية بئرا، وفى أثناء الحفر عثر العملة فيها على صخرة سمكها