للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمانك التجار فغدرت والغدر قبيح، وهو من سلطان الإسلام أقبح، فإن زعمت أن الذى فعله خالك بغير أمرك فسلمه إلينا، فأمر خوارزم شاه بقتل الرسل، فسار إليه جنكيز خان وحاربه عند مرج همدان وقتله وقتل جميع من معه، وذلك فى سنة سبع عشرة وستمائة، وملك جميع بلاده.

وقال سبط الجوزى: كان أول ظهور التتار بما وراء النهر سنة خمس عشرة، فأخذوا بخارى، وسمرقند، وقتلوا أهلها وحاصروا خوارزم شاه، وبعد ذلك عبروا النهر، وكان خوارزم شاه قد أباد الملوك من مدن خراسان، فلم يجد التتار أحدا في وجههم، فطووا البلاد قتلا وسبيا، وساقوا إلى أن وصلوا همدان، وقزوين فى هذه السنة.

وقال ابن الأثير فى كامله: حادثة التتار من الحوادث العظام، والمصائب الكبرى التى عقمت الدهور عن مثلها، عمت الخلائق وخصت المسلمين، واستطار شررها وعم ضررها، فإن قوما خرجوا من أطراف الصين وقصدوا بلاد تركستان، ثم منها إلى بخارى وسمرقند فملكوها وبددوا أهلها، وعبرت طائفة منهم إلى خراسان، ثم إلى الرى وهمدان إلى حد عراق العرب، ثم قصدوا ازربيجان، ودربند شروان، وعبروا من عندها إلى بلاد اللات واللاكن، وملكوا جميع ذلك وقتلوا وأسروا، ثم قصدوا بلاد تفجان، وهم من أكثر الترك عددا فقتلوا من وقف منهم واستولوا عليها، ومضت طائفة أخرى إلى عزما، وسجستان، وكرمان، وفعلوا مثل هؤلاء بل أشد، فإنهم أكثروا من سفك الدماء وهتك المحارم وسلب الأموال، ولم يبق أحد فى البلاد التى تركوها إلا وهو خائف يترقب وصولهم إليه.

وهم لا يحتاجون إلى ميرة، ومددهم يأتيهم ومعهم البقر والأغنام والخيل يأكلون لحومها، ولما دخلت سنة ست وخمسين وستمائة، وصل التتار إلى