للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى خرج لمشاهدتهم، فاجتمع عالم عظيم، وكان يوما مشهودا، فأنزلهم السلطان فى الدور التى كان قد أمر بعمارتها من أجلهم، وعمل لهم دعوة عظيمة هناك، وحملت إليهم الخلع والخيول والأموال، وركب السلطان إلى الميدان وأركبهم معه للعب الكرة، وأعطى كبراءهم إمرات، فمنهم من عمله أمير مائة، ومنهم دون ذلك. وأنزل بقيتهم منزلة البحرية، وصار كل منهم من سعة الحال كالأمير، فى خدمته الأجناد والغلمان، وأفرد لهم عدة جهات برسم مرتبهم، وكثرت نعمهم، وتظاهروا بدين الإسلام.

فلما بلغ التتار ما فعله السلطان مع هؤلاء وفد عليه منهم جماعة بعد جماعة، وهو يقابلهم بمزيد الإحسان، فتكاثروا فى بلاد مصر، وتزايدت العمائر فى اللوق وما حوله.

ولما قدمت رسل القان بركة خان ابن عم هولاكو سنة إحدى وستين وستمائة أنزلهم السلطان الملك الظاهر باللوق، وعمل لهم مهما عظيما، وصار يركب كل سبت وثلاثاء للعب الكرة باللوق.

وفى هذه السنة قدم من المغل والبهادرية زيادة على ألف وثلثمائة فارس، فأنزلوا فى مساكن عمّرت لهم باللوق بأهاليهم وأولادهم.

وفى هذه السنة أيضا قدمت رسل الملك بركة خان، ورسل الأشكرى، فعملت لهم دعوة عظيمة باللوق.

فمن هذا يعلم أن جهة اللوق نشأت فيها العمارة فى زمنه على نفقته، واتسعت بمدته.

وفى أيامه عمرت منشأة المهرانى سنة إحدى وسبعين وستمائة، وحدثت فيها المساجد والدور، بعد أن كان يعمل فيها قمائن الطوب، والتلال التى نشاهدها عند قنطرة السد المعروفة بقنطرة الماوردة التى يتوصل منها إلى قصر العينى هى آثار تلك المبانى.

وفى سنة اثنتين وسبعين وستمائة كثرت العمارة فى جهة دير الطين، وبنى الصاحب تاج الدين - متولى ديوان الأحباس ووزارة الصحبة للسلطان الملك الظاهر - جامع الأثر الموجود إلى الآن.

وقد تجدد فى أيامه سوى ما ذكر كثير من المبانى فى داخل القاهرة وخارجها، فإنه كان يستكثر من العمارة ويرغب فيها، كما تدل عليه الآثار الباقية من أيامه فى كل جهة. فمن آثاره الخيرية المدرسة الظاهرية بين القصرين، والجامع الكائن خارج مصر من جهتها البحرية فى طريق العباسية الذى كان يعرف بمخبز الظاهر، وكان محل هذا الجامع قبل ذلك ميدانا