والغنى الواسع، وله من الآثار الجميلة الجامع والخانقاه بأراضى بستان الخشاب المطلة على النيل خارج القاهرة فيما بينها وبين مصر بجوار المنشأة، وهو أول من عمر فى أراضى بستان الخشاب، ومن آثاره أيضا هذه المدرسة البديعة الزى، وله على كل من هذه الأماكن أوقاف جليلة، ولم يزل فى نقابة الجيش إلى أن مات فى العشرين من شهر ربيع الآخر سنة تسع عشرة وسبعمائة، ودفن فى مكان بمدرسته هذه، وقبره بها إلى وقتنا هذا، ووجد له من بعده مال كثير جدا، واتفق أنه لما فرغ من بناء هذه المدرسة أحضر إليه مباشروه حساب مصروفها، فلما قدم إليه استدعى بطشت فيه ماء وغسل أوراق الحساب بأسرها من غير أن يقف على شئ منها وقال: شئ خرجنا عنه لله تعالى لا نحاسب عليه.
ولهذه المدرسة شبابيك فى جدار الجامع تشرف عليه ويتوصل من بعضها إليه، وما عمل ذلك حتى استفتى الفقهاء فيه فأفتوه بجواز فعله.
وقد تداولت أيدى نظار السوء على أوقاف طيبرس هذا فخرب أكثرها وخرب الجامع والخانقاه وبقيت هذه المدرسة عمرها الله بذكره انتهى.
وقد مر فى عبارة الجبرتى أن الأمير عبد الرحمن كتخدا جدد هذه المدرسة فيما جدده من عمائر الأزهر، وهى على يمين الداخل من باب المزينين بعد مجاوزة باب الميضأة الصغيرة، وهى مربعة تبلغ مساحتها نحو مائة وسبعة وستين مترا وستة وتسعين سنتيمترا، وفيها أربعة أعمدة من الرخام، ولها قبلة عظيمة من الرخام الملون بها عمودان من حجر السماق ومنقوش بأعلاها بالخط الجميل ﴿قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ﴾ ويكتنفها شباكان من النحاس الجيد الصنعة -أحدهما مطل على رواق الأكراد من الجامع -مطلان على رواق البغداديين، وفى مؤخرها بزاويتها التى عن يمين الداخل ضريح بانيها كما مر وعليه قبة صغيرة، ويكتنف الباب أيضا شباكان من النحاس يطلان على دركة باب المزينين، مكتوب بأعلاها ﴿إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ وعلى واجهة الباب من الخارج شعائر:
*من هدى الرحمن للعبدى بشرى*
وفيها خزانة كتب صغيرة وخزن كثيرة لأمتعة بعض المجاورين، وهى عامرة بدرس العلم ومطالعته على الدوام، وغالبا يقرأ فيها أحد كبار علماء الشافعية، وميضأتها ومراحيضها التى يداخل الباب المجاور لها غير مستعملة الآن.
ومنها المدرسة الآقبغاوية، قال المقريزى أيضا: هذه المدرسة بجوار الأزهر على يسرة