وبالقبة قبر تضمن الملك المنصور سيف الدين قلاوون وابنه الملك الناصر محمد بن قلاوون والملك الصالح عماد الدين إسماعيل بن محمد بن قلاوون. وهى من أعظم المبانى الملوكية وبها قاعة جليلة فى وسطها فسقية يصل إليها الماء من فوارة بديعة الزى، والقاعة مفروشة بالرخام الملون معدة لإقامة الخدام الملوكية المعروفين فى الدولة التركية بالطواشية، ولهم ما يكفيهم من الخبز النقى واللحم الطيب المطبوخ والمعاليم الوافرة، ولهم حرمة وكلمة نافذة وجانب مرعى بعد شيخهم من أعيان الناس ولا يبرحون فى عبادة.
وفى القبة: دروس على المذاهب الأربعة تعرف بدروس وقف الصالح، وذلك أن الصالح إسماعيل بن محمد بن قلاوون قصد عمارة مدرسة فاخترمته المنية دون غرضه؛ فأقام الأمير أرغون العلائى زوج أمه فى وقف قرية تعرف بدهمشا الحمام من الأعمال الشرقية فأثبته بطريق الوكالة عن أم الصالح ورتب ما كان الصالح قرره لو أنشأ مدرسة، وهو وقف جليل يتحصل منه فى السنة نحو أربعة آلاف دينار ذهبا ثم تلاشى أمر ذلك الوقف.
وفى القبة: قراء يتناوبون القراءة ليلا ونهارا بالشبابيك المطلة على الشارع، وبها إمام راتب فى الصلوات الخمس وبها خزانة كتب جليلة كان فيها أحمال من الكتب فيها أنواع العلوم من وقف المنصور وغيره، وبها خزانة فيها ثياب المقبورين بها.
وبهذه القبة يوضع ما يتحصل من مال أوقاف المارستان تحت أيدى الخدام، وإذا قلد السلطان أحدا إمارة كان يعقد له ذلك عند هذه القبة فيحلفه عند القبر، وكانت هذه العادة تفعل قبل ذلك فى المدرسة الصالحية.
وفى سنة تسعين وستمائة أمر الملك الأشرف خليل بن قلاوون بنقل أبيه من القلعة إلى هذه القبة، فنقل فى موكب حتى دفن فيها بعد أن صلى عليه بالجامع الأزهر.
ولما عاد الملك الأشرف خليل من فتح عكا فعين أربع ضياع من ضياع عكا وصور؛ ليقفها على مصالح المدرسة والقبة المنصورية مما تحتاج إليه من ثمن زيت وشمع ومصابيح وبسط وعلى كلفة الساقية وعلى خمسين مقرئا يرتبون لقراءة القرآن الكريم بالقبة، وإمام راتب فى محراب القبة وستة خدام يقيمون بها، وكتب بذلك كتاب وقف، وعمل بالقبة مجمعا عظيما قرئت فيه ختمة كريمة، انتهى باختصار من خطط المقريزى فى ذكر المدارس.
وقال فى ذكر المارستانات: هذا المارستان الكبير المنصورى كان قاعة ست الملك ابنة العزيز بالله نزار بن المعز لدين الله أبى تميم معد، ثم عرف بدار فخر الدين جهاركس بعد