هذا ما كان منه، وأما هما، فاتفقا وأقاما فى الملك سوية، فخاب ظنه، وقهره الرومانيون على ترك مصر والرجوع إلى بلاده.
ثم بعدة ذلك وقعت الفتن بينهما، وحزّبا الأحزاب واقتتلا، فغلب (فيلامتور) وطرد (فسكون) ففر إلى روما، والتجأ بها، فاغتنمت الرومانيون فرصة الشقاق؛ لأنها كانت تطمع فى الاستيلاء على مصر، فتوسطت بينهما، وحكمت (لبطليموس فيلوباتور) بالأقطار المصرية وجزيرة رودس، ولأخيه (فسكون) ببلاد ليبيا وبلاد السيرانك، أى القيروان، فلم يقنع بذلك بل ذهب إلى روما وطلب جزيرة قبرص، فحكموا له بها.
كانت تلك الحالة باعثة حكومة الرومانية، على أن تدخل فى أمر الديار المصرية دخولا تاما.
وبسبب فصلها قضايا البطالسة، اتسعت دائرة سطوتها، وقويت شوكتها فى هذه الديار. ومن ذلك الوقت نفذت كلمتها فى حكومة المصريين، فمهدت طرق الطمع فى الاستيلاء عليها. وقد حصل-ولا شك-أن عدم الاستقامة وكثرة الظلم ينشأ عنهما كثرة الفتن.
وهذا كان حال مصر والشام؛ فإن (إسكندر بلاص) أحد الأمراء، طرد ملك الشام عن ملكه، واتحد بملك مصر، ورغبا فى تمكين علائق الاتحاد بين أولادهما بتزويج إسكندر المذكور بنت بطليموس، فرضى بذلك، ثم عدل عنه فيما بعد وزوجها من (سورتير) ملك الشام المطرود، وجمع عسكره مع عسكره، وطردوا (بلاص) المذكور، واستقر صهره على ملك أبيه بالديار المصرية والديار الشامية، ونشأ عنها استيلاء إسكندر بلاص.
ثم/بعد تمهيد الأمر، تزوج ملك الشام بإبنة ملك الملوك المجاورة له، فحنقت عليه زوجته، ودخل فى نفسها من جهته ما دخل. وبعد موته أرادت قتل ولدها-الوارث للملك عن أبيه بالسم، رغبة منها فى التصرف فى بلاد الشام، وجعل ابنها الثانى الصغير بدله، فلم ينجح مكرها؛ فإن ولدها-ولىّ العهد-اطّلع على ذلك، فأسقاها السم الذى كانت أعدته له.