وممن شاهد كسوتها العالم جرار، المرسل من طرف فريرديك بربروس إلى صوب الملك صلاح الدين سنة ألف ومائة وخمس وثمانين ميلادية قبل سياحة عبد اللطيف بثلاث عشرة سنة، إذ قال إن الهرم الكبير مكسو بحجر مصقول يشبه الرخام، بل قال العالم جيبوم بلنسيل - وقد ساح بمصر فى سنة ألف وثلاثمائة وست وثلاثين - إن كسوة الهرم موجودة وعليها كتابة، وذلك بعد زمن عبد اللطيف بنصف قرن.
وقال أبو العباس أحمد المعروف بشهاب الدين - فى كتابه الموجود فى كتبخانة باريس - إن حجارة أوجه الهرم متلامسة ومستحكمة الوضع، وذلك فى سنة ثلاثمائة وثمان وأربعين وألف، فعلى هذا لم تبتدأ إزالة الكسوة إلا فى القرن الرابع عشر من الميلاد. وحكى سيمون سرابروش أنه شاهد الناس قد بلغوا فى هدم الكسوة إلى وسط الهرم، وذلك حينما حج إلى بلاد القدس فى سنة ألف وثلاثمائة وخمس وتسعين.
وذكر السياح سرياق أنه صعد إلى رأس الهرم فى سنة الف وأربعمائة وأربعين ميلادية، فلا بد أن الكسوة كانت قد أزيلت من بعض جهاته. وذكر العالم زويجا أن إسكندر أريوستو كان فى مصر سنة ألف وأربعمائة وست وسبعين، وأنه رأى ناسا يهدمون كسوة الهرم وينقلونها لمبانيهم. ومن ذلك يعلم أن أخذ انقاض الكسوة استمر إلى آخر القرن الخامس عشر من الميلاد.
انتهى كلام لطرون.
قال بعض الإفرنج: ومن يتأمل الصعوبات والمشاق التى تحصل فى فتح الأهرام وتخليص الطريق إليها بحفر الصخور الصوانية الهائلة المتماسك بعضها ببعض كأنها حجر واحد، ويتأمل فيما يلزم بها من المصاريف الجسيمة والزمن المديد لا يذهب فكره إلى أن ذلك كان لمجرد الإطلاع على الأود والأموات، بل يجزم بأنه لا بد من دواع مهمة جدا وطمع شديد فيما بداخل الأهرام من الفوائد العظيمة والذخائر النفيسة، وإنهم استدلوا من الكتب والآثار على ما كان يدفن مع الأموات، لا سيما الملوك - من الجواهر والحلى البالغ الغاية فى