فلو لم يكن مكسوا لصعد عليه بنفسه ولم يحتج إلى الإستئجار.
وأيضا فقد ذكر أن ضلع السطح الأعلى للهرم عشرة أذرع بالسوداء - يعنى بذراع مقياس النيل - وذلك يعادل خمسة أمتار وأربعمائة وإنثى عشر جزءا من ألف جزء من المتر.
ولما ساح فى مصر العالم جرياو - الأنكليزى - فى سنة ألف وستمائة وثمان وثلاثين ميلادية رأى أن ضلع السطح أربعة أمتار، يعنى وجده أقل منه فى زمن عبد اللطيف البغدادى بقدر متر ونصف تقريبا، مع أن كلام السياحين الذين أتوا بعدهما، يدل على أن سطح الهرم دائما يأخذ/فى السعة بسبب عبث الأيدى به وإزالة بعض مداميكه (١). فقد قال العالم فلجنس الذى ساح فى مصر سنة ألف وستمائة وتسعين - أعنى بعد جرياو بإثنتين وخمسين سنة - أن عدد مداميك الهرم مائتان وثمانية، وقد عدها العالم داويزون فى سنة ألف وسبعمائة وثلاث وستين مائتى مدماك وستة.
ولما استولى الفرنساوية على مصر فى سنة ألف وثمانمائة وجدوها مائتى مدماك وثلاثة، وهى الآن فى سنة ألف وثمانمائة وسبع وسبعين ميلادية - يعنى فى سنة ألف ومائتين وأربع وتسعين هجرية - مائتان وإثنان، فقد حصل فى ظرف قرنين ونصف تقريبا هدم ستة مداميك من أعلى الهرم، وهذا ضرورة يوجب اتساع السطح الأعلى حتى إنه الآن عشرة أمتار تقريبا. فكان يلزم أن يكون قياس العالم جرياو أكبر من قياس عبد اللطيف البغدادى.
فبالضرورة لم يكن لهذه المخالفة سبب إلا وجود الكسوة فى زمن عبد اللطيف، وعدم وجودها فى زمن جرياو، ومما يدل أيضا على أنها فى وقت زمن عبد اللطيف كانت مكسوة أن سمك الكسوة متران وسبعة أجزاء من مائة جزء من المتر، فلو أضيف سمك حجر الوسط إلى ضعف هذا المقدار لنتج المقدار الذى ذكره، ويتبين أن القياس الذى أعتبر فى وقته كان فى استواء حجر الوسط.
(١) مداميك: جمع مدماك، والمدماك: الصف من الحجارة فى البناء. المنجد.