وفى المقريزى أيضا، أن فى سنة ٧٣١ أمر السلطان محمد بن قلاوون بعمل جسر شيبين، وسبب ذلك أن أن مديرية الشرقية كان لها جملة جسور فى طول بحر أبى المنجى، وكان خط شيبين ومرصفا ونحوهما فى غالب السنين لا يتم ريها بسبب علو أرضها، فاشتكى الأمير بشتك من تشريق أغلب أراضيه، فركب السلطان من القلعة ومعه جملة مهندسين وذهب يكشف الحال بنفسه، وكان له معرفة بالعمارات ورأى سديد، فلما عاين الأراضى أمر بعمل جسر أوله شيبين القصر وآخره بنها العسل، وجمع لذلك اثنى عشرة ألف رجل ومائتى عربة، فعمله وعمل به قناطره فعند فتح قنال أبى المنجى تمتلئ الحيضان ويمنعها الجسر فترتفع المياه حتى تروى الأراضى العالية.
وقال كترمير: إن خليج أبى المنجى هو بحر الطينة، بدليل أن بحر الطينة المذكور على رأى هيرودوط، وديودور الصقلى واسترابون، وبطليموس كان أحد الخلجان الثلاثة المجتمعة فى محل افتراق النيل، وكان الضلع الثالث من المثلث فى جهة الشرق، وبسبب أن النيل يجلب فى وقت الفيضان كثيرا من الطمى، وميله إلى الغرب أكثر من ميله إلى الشرق، حصل مع الزمن ردم فمه، والظاهر أن هذا كان هو السبب فى تشكى أهل الشرقية، ولعل أبا المنجى طهره أو عدله، ويدل لذلك أيضا قول خليل الظاهرى إن خليج أبى المنجى يصب فى البحر.
وما ذكرناه من أن النيل يميل عن جهة الشرق إلى جهة الغرب لا شبهة فيه بدليل ما ذكره المقريزى فى تخطيط موضع الفسطاط، أن قصر الشمع كان مطلا على النيل، والمراكب ترسو على بابه الغربى المعروف بباب الحديد، ولما استولى المسلمون على الحصن ركب المقوقس المراكب من بابه الغربى وعدى إلى جزيرة الروضة المواجهة له، وكان للنيل مقياس فى أحد زوايا القصر، وكان موجودا إلى سنة عشرين وثمانمائة انتهى.
والظاهر أن بحر أبى المنجى محل الفرع الذى كان يصل إلى مدينة بيلوزة (الطينة) ويصب فى البحر المالح حيث تزحزح النيل كثيرا من المشرق إلى المغرب.