ابن العاص، ثم بيضه وفرشه بالحصر وكان قبل ذلك مفروشا بالحصباء، وبنى فى كل ركن من أركانه الأربعة صومعة، وأمر ببناء المنارات فى جميع المساجد وجعل اسمه عليها، وأمر مؤذنى الجامع أن يؤذنوا للفجر إذا مضى نصف الليل، فإذا فرغوا من أذانهم أذن كل مؤذن فى الفسطاط فى وقت واحد فكان لأذانهم دوى شديد، ومنع أن تضرب النواقيس عند وقت الأذان.
وفى سنة تسع وسبعين فى خلافة عبد الملك بن مروان هدمه عبد العزيز بن مروان أخو الخليفة-وكان يومئذ أمير مصر من قبل أخيه-وزاد فيه من ناحية الغرب وأدخل فيه الرحبة التى كانت فى بحريه، ولم يجد فى شرقيه موضعا يوسعه به. وذكر الكندى أنه زاد فى جوانبه كلها. ويقال: إن عبد العزيز المذكور لما أكمل بناء المسجد خرج من دار الذهب عند طلوع الفجر فدخل المسجد فرأى فى أهله خفة فأمر بأخذ الأبواب على من فيه، ثم دعا بهم رجلا رجلا فيقول للرجل: ألك زوجة؟ فيقول: لا. فيقول: زوجوه. ألك خادم؟. فيقول:
نعم. فيقول: اقضوا دينه. فأقام المسجد بعد ذلك دهرا عامرا.
وفى سنة تسع وثمانين فى خلافة الوليد بن عبد الملك بن مروان أمر عبد الله بن عبد الملك أخو الخليفة-وهو يومئذ أمير مصر من قبل أخيه-برفع سقف المسجد الجامع وكان مطأطئا فرفع. ثم إن قرة بن شريك العبسى هدمه مستهل سنة اثنتين وتسعين بأمر الخليفة الوليد ابن عبد الملك-وهو يومئذ أمير مصر من قبله-وابتدأ فى بنائه فى شعبان من السنة المذكورة فزاد فيه من القبلى والشرقى، وأدخل فيه الطريق ودار عمرو بن العاص، وعوض ولده عبد الله بدلها، وجعل له المحراب المجوف وهو المحراب المعروف بعمرو؛ لأنه فى سمت محراب المسجد القديم الذى بناه عمرو، وكانت قبلة المسجد القديم عند العمد المذهبة وهى أربعة عمد، اثنان فى مقابلة اثنين، وكان قرة أذهب رؤوسها ولم يكن فى المسجد عمد مذهبة غيرها، وجعل على بنائه يحيى بن حنظلة مولى بنى عامر بن لؤى. وكانوا يجمعون الجمعة فى قيسارية العسل حتى فرغ من بنائه فى شهر رمضان سنة ثلاث وتسعين، ونصب فيه المنبر الجديد فى سنة أربع وتسعين من الهجرة ونزع المنبر الذى كان فى المسجد، وذكر أن عمرو ابن العاص كان جعله فيه فلعله بعد وفاة عمر بن الخطاب ﵁. وقيل: هو منبر عبد العزيز بن مروان حمل إليه من بعض كنائس مصر. وقيل: إن زكريا بن برقنى ملك النوبة أهداه إلى عبد الله بن سعد بن أبى سرح وبعث معه نجاره حتى ركبه، واسم هذا النجار بقطر من أهل دندره، ولم يزل هذا المنبر فى المسجد حتى زاد قرة بن شريك فى الجامع