فنصب منبرا سواه على ما تقدم شرحه. ولم يكن وقتئذ يخطب فى القرى إلا على العصا، إلى أن ولى عبد الملك بن موسى بن نصير اللخمى مصر من قبل مروان بن محمد، فأمر باتخاذ المنابر فى القرى وذلك فى سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وذكر أنه لا يعرف منبر أقدم منه-يعنى من منبر قرة بن شريك-بعد منبر رسول الله ﷺ، فلم يزل كذلك إلى أن قلع وكسر فى أيام العزيز بالله بنظر الوزير يعقوب بن كلس فى يوم الخميس لعشر بقين من شهر ربيع الأول سنة تسع وسبعين وثلاثمائة وجعل مكانه منبر مذهب، ثم أخرج هذا المنبر إلى الإسكندرية وجعل بجامع عمرو بن العاص ﵁ الذى بها، وأنزل إلى الجامع المنبر الكبير وذلك فى أيام الحاكم بأمر الله فى شهر ربيع الأول سنة خمس وأربعمائة. وصرف بنو عبد السميع عن الخطابة، وجعلت خطابة الجامع العتيق لجعفر بن الحسن بن خداع الحسينى وجعل إلى أخيه الخطابة بالجامع الأزهر، وصرف بنو عبد السميع من جميع المنابر بعد أن أقاموا هم وأسلافهم فيها ستين سنة.
ولم يكن للجامع أيام قرة بن شريك غير المحراب المعروف بعمرو، فأما المحراب الأوسط فعرف بمحراب عمر بن مروان عم الخلفاء، وهو أخو عبد الملك وعبد العزيز، ولعله أحدثه بعد قرة، وذكر قوم أن قرة عمل هذين المحرابين.
وفى خلافة سليمان بن عبد الملك سنة سبع وتسعين، بنى أسامة بن يزيد التنوخى متولى الخراج بمصر بيت المال الذى فى علو الفوارة بالجامع، وأمير مصر يومئذ/عبد الملك ابن رفاعة، وكان مال المسلمين يجعل فى ذلك البيت.
وفى خلافة المنصور طرق المسجد فى سنة خمس وأربعين ومائة قوم ممن كان بايع على بن محمد بن عبد الله بن حسن بن الحسن بن على بن أبى طالب، وكان أول علوى قدم مصر-وأميرها يومئذ يزيد بن حاتم المهلبى-فنهبوا بيت المال ثم تضاربوا عليه بسيوفهم فلم يصل إليهم منه إلا اليسير.
وفى زمن أحمد بن طولون تسور على بيت المال لص وسرق منه بدرتى دنانير فظفر به ابن طولون وعفا عنه.
وفى سنة ثلاث وثلاثين ومائة زاد صالح بن على بن عبد الله بن عباس ﵄ وهو يومئذ أمير مصر من قبل أبى العباس السفاح فى مؤخره أربعة أساطين، فيقال إنه أدخل فى الجامع دار الزبير بن العوام وكانت غربى دار النحاس وباب الكحل من هذه الزيادة،