فانتخب فيمن انتخب للسفر، فسافر هو والمرحوم مصطفى بيك السبكى، والمرحوم محمد على بيك البقلى وغيرهم، فنجبوا فى ذلك الفن، وحضروا إلى مصر سنة تسع وأربعين، وترقى هو إلى رتبة يوزباشى بوظيفة خوجة بمدرسة الطب فى قصر العينى، ثم بعد قليل أحسن إليه برتبة صاغقول أغاسى، ولنجابته وحسن درايته فى فنه اختاره العزيز محمد على باشا حكيمباشى لنفسه، وقربه وتخصص به، وبلغ رتبة أميرالاى وكثرت عليه إغراقات العزيز وانتشر ذكره، وطلبته الفامليات والأمراء، ولم يزل مع العزيز وسافر معه إلى البلاد الأوروباوية سنة ثلاث وستين، وانتخبه أيضا المرحوم عباس باشا حكيمباشى له بعد جلوسه على التخت، واختارته والدته أيضا للسفر معها إلى الحج الشريف، ولما رجع من الحج وجد زوجته الإفرنجية التى كان أتى بها معه من بلاد الإفرنج قد ماتت، فأخرجت له والدة المرحوم عباس باشا إشراقة من جواريها، وأنعمت عليه بها. وبعد أن عاش مدة منعم البال، مترف الأحوال، نزل به داء الربو، فتوفى به سنة تسع وسبعين هلالية، وكان رحمه الله تعالى إنسانا كريم الشيم، رفيع الهمة، يغلب عليه الفرح والانبساط. فكنت تراه دائما مستصحبا للمغانى والآلات. وله ترجمة كتاب فى الأربطة. وهو أنجب من اشتهر فى التجريح، ذو إقدام على ما لم يقدم عليه غيره؛ فمن ذلك أنه كان يشق على أدرة الرجل، ويعمل فيها العمليات المنتجة للصحة. ولم يسبقه فى ذلك غيره. وكان يكتسب من ذلك أموالا جسيمة؛ فملك كثيرا من العقارات والجوارى والمماليك وغير ذلك، وخلف من الزوجة الإفرنجية ثلاثا من البنات، وولدا موجودا إلى الآن فى البلاد الإفرنجية، وخلف من زوجته البدوية ابنه خليل بيك. ولما مات كان عليه ستة عشر ألف جنيه دينا، وخلف ألفا وسبعمائة فدان؛ منها فى ناحية قلما من بلاد القليوبية ثلاثمائة فدان وقعت فى القسمة لأولاد الإفرنجية، وصار بيعها مع ما بها من القصر. وفى زفيتة شلقان وشبرا مائتان وخمسة وستون فدانا، هى الآن تحت