وهنا مسألة يلزم التكلم عليها وهى مسألة الخليج الكبير المصرى، هل كان جزؤه الواقع داخل القاهرة موجودا عند الفتح كما هو الآن؟، وإذا كان كذلك فأين كان فمه؟، أو لم يكن موجودا وإنما حدث بعد الفتح، وأين كان فمه أيضا؟، قلت: إن صاحب الخطط لم يأت بما يشفى الغليل فى هذه المسألة، وإنما ذكر أن الذى حفره هو طوطيس بن ماليا أحد ملوك مصر الذين سكنوا مدينة منف، وهو الذى قدم إبراهيم الخليل صلوات الله عليه إلى مصر فى أيامه، وبعده جدده - أندرومانوس الذى يعرف بإيليا - أحد ملوك الروم بعد الإسكندر بن فلبس [المقدونى](١)، وسارت فيه السفن، وذلك قبل الهجرة النبوية بنيف وأربعمائة سنة، وبعده جدده عمرو بن العاص لما فتح مصر فى عام الرمادة، وأقام فى حفره ستة أشهر، وجرت فيه السفن تحمل الميرة إلى الحجاز، فسمى «خليج أمير المؤمنين» يعنى عمر بن الخطاب ﵁، ولم يبين مبدأه ولا اتجاهه ولا البلاد التى مر عليها. ثم ذكر فى ظواهر القاهرة أنه فى سنة مائة وخمسين هجرية أمر الخليفة أبو جعفر المنصور بردمه فردم وانقطع السير فيه.
وقال فى موضع آخر: وفم هذا الخليج لم يكن هو الموجود الآن، ولم أدر أين كان في الجاهلية، وأظن أن أوله/كان عند مدينة عين شمس أو بحريها، لأن ما بين الخليج من غربيه وشرقيه فيما بين عين شمس وموردة الحلفاء خارج مدينة الفسطاط جميعه طين إبليز، وهو لا يكون إلا حيث يمر ماء النيل، فتعين أن ماء النيل مر قديما على هذه الأرض، وهو ينتج أن أول الخليج كان عند آخر الطين من الجهة البحرية، والطين ينتهى إلى نحو مدينة عين شمس ويصير ما بعد الخندق يعنى قرية الدمرداش رملا لا طين فيه أه.
وقد رأيت فى كتاب استرابون الجغرافى الذى ساح فى مصر وقت استيلاء قياصرة الروم على هذه الديار قبل المسيح بنحو خمسمائة سنة ما نصه: إن