للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عظيمة، فمات كثير منهما، ومات أيضا جملة من رؤساء المسلمين منهم: زيد--فقام مقامه خالد بن الوليد، فحصل منه ما يبهر العقول، فإنه بعد أن كان يظن أن المسلمين مهزومون، جمع المسلمين، وقوّى قلوبهم، وهجم بهم على عساكر الرومانيين هجمة بدد فيها شملهم، وولوا الأدبار، وتم النصر للمسلمين، وغنموا، ثم رجعوا إلى المدينة، ومعهم السبى والغنيمة.

وهذه كانت افتتاح الوقعات، التى جرت بينهم وبين القياصرة، فى جهات آسيا وإفريقيا وجزء من أوربا، وتمامها بزوال ملك القياصرة من بلاد المشرق، ووضع الإسلام يده على الدولة الرومانية.

لكن بعد ثمانية قرون، كلها مضت فى حروب، هلك فيها من الفريقين ما لا يحصى.

ومن جملة الولايات التى توجه لها نظر المسلمين: ولاية مصر، وكان حاكمها (المقوقس) المصرى الأصل، من طرف قيصر، وكان له شهرة عظيمة فى الرفعة والاعتبار، وكان من فريق (أوتيشيس)، وكان يكره الروم لإنكارهم على أهل فريقه، وإبطالهم اعتقادهم فى جميع ديار مصر والرومان وغيرها، وكان الطمع وحب الاستبداد عنده يغلبان على الأمر الدينى، لكنه اغتنم فرصة قيام الفتن على المملكة الرومانية فى بلاد العرب، ولقب نفسه بلقب إمارة مصر، وصار يأمر وينهى فى ديار مصر.

ومن مخافة تقلب الأيام، أراد أن يعاهد المسلمين، فلم يقبل النبى منه غير الدخول فى الإسلام، وكتب كتابا إلى النبى--يعترف له فيه بالرسالة، ويطلب منه الإمهال زمنا، ليتمكن مما يريده، وكانت الحروب من المسلمين قائمة فى جهات كثيرة، ما عدا/مصر، فإنهم تركوها فى ذلك الوقت، وبعد ذلك توجهت همتهم إلى محاربتها، وشن؟؟؟ الإغارات عليها، فنظر أن هذا لا يتم إلا بالاستيلاء أولا على ديار الشام، لأنه ليس لمصر غير طريقين: الأولى: طريق البحر الأحمر، وليس للمسلمين فى