على حين غفلة، فكبسوا عليه فوجدوه راقدا ومعه أحد الغلامين، فعند ذلك لعنوه وسبوه وضربوه بالسلاح فجرحوه وأخذوا منه الغلامين وكادوا يقتلونه.
ثم رجع إلى مصر من البحر أيضا وأقام عند مراد بيك إلى أن حضر الفرنسيس إلى الديار المصرية، فقاتل مع الأمراء وتغرب معهم فى الجهات القبلية، ثم انفصل عنهم وذهب من خلف الجبل وتوجه إلى الشام، فأرسله الوزير يوسف-بعد الكسرة- بمكاتبات إلى الدولة، فلم يزل هناك حتى وقعت الحوادث وقامت العساكر على محمد باشا، ووصل الخبر إلى اسلامبول، فطلب ولاية مصر وجعل على نفسه قدرا عظيما من المال-وليس بمصر وقتئذ إلا طاهر باشا والأرنؤط -، ثم تولى وسافر إلى الإسكندرية، فبلغه موت طاهر باشا وانضمام طائفة الأرنؤط للمصريين، فأراد أن يدبر أمرا ويصطاد العقاب بالغراب ويحوز بذلك سلطنة ممجدة ومنقبة مؤبدة، وكان معه جملة من العساكر فأرسل إليه الأمراء المصريون مكاتبات محصلها:«أن يحضر من طريق البر على دمنهور ولا يذهب إلى رشيد». فغضب من ذلك ولم يظهر، وأرسل فأحضر رضوان كتخدا ومعه جماعة من الأمراء وأطلعهم على المكاتبات، وقال لهم:
«كيف تقولون إنى حاكمكم وواليكم ثم تحكمون على أنى لا أذهب إلى مصر على هذا الوجه». فأرسل رضوان كتخدا فأخبر الأمراء المصريين بذلك سرا. ثم لما خرج من الإسكندرية وأراد أن يحضر إلى مصر، أشيع سفر الألفى لملاقاته وأخذ صحبته أربعة من الصناجق وأبرزوا الخيام من الجيزة إلى جهة إنبابه، وأخذوا فى تشهيل ذخيرة وجبخانة وغير ذلك، ثم عدّى الألفى ومن معه إلى البر الشرقى، وأشيع تعدية الباشا إلى بر المنوفية. ولما وصل إلى ناحية منوف جعل على أهالى البلاد فرضا، ووقع من العساكر ضرر زائد لهم، حتى صاروا يترصدون من يذهب إلى الأسواق-مثل سوق إنبابة-ويأخذون ما معه من الدراهم، ثم يذهبون إلى السوق وينهبون ما يأتى به الفلاحون من الأشياء المعدة للبيع حتى امتنع الفلاحون من جلب الأشياء، ثم لما وصل إلى ناحية شلقان وصحبته العساكر انتقل الألفى ومن معه من الأمراء إلى ناحية شلقان ونصبوا خيامهم فى مقابلة عرضيه، فأرسل إلى الألفى يسأله عن سبب النزول فى ذلك المكان وعن نصب الخيام فى داخل الخيام ودوسهم للعساكر، فأرسل الألفى يقول له:«هذه منزلتنا ومحطتنا»، فلما سمع بذلك الباشا لم يسعه إلا قلع الخيام/ والتأخر عن هذا المكان-فهذا كان أول احتقار فعله المصريون فى العثمانيين-. ثم