أن خدم الألفى أخذوا جمالا ليحملوا عليها برسيما ونزلوا بها إلى بعض الغيطان، فحضر أمير آخور الباشا ومن معه بجماله لأخذ البرسيم أيضا، فوجدوا أتباع الألفى فهزموهم، فرجعوا إلى سيدهم وأخبروه فأمر بعض كشافه بالركوب عليهم فركب رامحا إلى الغيط وأحضر أمير آخور الباشا وقطع رأسه قبالة صيوان الباشا، وأخذ الجمال ورجع إلى سيده برأس الأمير آخور مع الجمال. وذهب أتباع الباشا وأخبروه بقتل الأمير آخور وأخذ الجمال، فحنق من ذلك. وأحضر رضوان كتخدا، وتكلم معه فى شأن ذلك، فلاطفه وقال له:«هؤلاء صغار العقول ولا يتدبرون فى الأمور وسيدنا شأنه العفو والمسامحة». ثم خرج من بين يديه وأرسل إلى أتباع الألفى فأحضروا الجمال وردهم إلى وطاق الباشا.
وقد كان قبل خروجه من الإسكندرية أرسل إلى كبار الأرنؤط وغيرهم من قبائل العربان يستميلهم ويعدهم إن قاموا بنصرته، ويحذرهم ويخوفهم إن استمروا على الخلاف. فنقل الأرنؤط ما حصل منه إلى الأمراء المصريين وأطلعوهم على المكاتبات سرا فيما بينهم، واتفقوا على ردّ جواب المراسلة بالموافقة على القيام معه إن حضر إلى مصر، وخرجت الأمراء لملاقاته والسلام عليه، ودبروا له تدبيرا ومناصحات تروج على الشياطين.
ثم لما وصل إلى الرحمانية أرسل له الأرنؤط مكاتبة سرا بأن يعدى إلى البر الشرقى وبينوا له صواب ذلك، وهو معتقد نصحهم. فحضر إلى البر الشرقى ووصل إلى شلقان-كما تقدم-ورتب عساكره وجعلهم طوابير وجعل كل بيكباشى فى طابور، وعملوا متاريس ونصبوا المدافع، وأوقفوا المراكب بما فيها من العساكر بالبحر على موازاة العرضى. فخرج الألفى-كما ذكر-بمن معه من الأمراء المصريين والعساكر، وأرسل إلى الباشا بالانتقال والتأخر، فلم يجد بدا من ذلك وتأخر إلى زفيتة، ونصب هناك وطاقه ومتاريسه.
وفى وقت تلك الحركة تسلل حسين بيك الفرنجى، ومن معه من العساكر بالغلايين والمراكب واستعلوا على مراكب الباشا، وأحاطوا بها وضربوا عليها المدافع والبنادق، وساقوهم إلى مصر وأخذوهم أسارى، وذهبوا بهم إلى الجيزة بعد ما قتلوا من كان فيهم من العساكر المحاربين، وكان لهم كبير يسمى مصطفى باشا أخذوه أسيرا أيضا.