للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى خلافة الوليد بن عبد الملك بن مروان، صار هدم أعلى المنارة بحيلة عملها عليه ملك الروم، ثم بقيت على ما كانت عليه إلى سنة ٣٣٢ هلالية. وفى سنة ٧٧٧ سقطت رأسها من زلزلة.

وقال ابن وصيف شاه-عند ذكر أخبار مصرايم بن بيصر بن حام بن نوح-وبنوا على البحر مدنا منها: رقودة، التى كانت قبل الإسكندرية فى مكانها، وجعلوا فى وسطها قبة على أساطين من نحاس مذهب، ونصبوا فوقها منارة عليها مرآة من أخلاط شتى، قطرها خمسة أشبار، وكان ارتفاع القبة مائة ذراع.

ونقل السيوطى عن ابن فضل الله: أن هذه المنارة قد خربت وبقيت أثرا للأعين، فزال الباقى فى أيام قلاوون وولده.

وبناء على قول مؤرخ النوبة: إن المنارة المذكورة كانت موجودة إلى القرن الثالث عشر، كما ذكر أبو الفداء-فإنه كان موجودا فى سنة ١٣٢٠ ميلادية-تكون المنارة المذكورة تخربت فى القرن الحادى عشر. ومحل هذه المنارة الآن البرج الزفر، الذى هو محل طابية قائد بيك، الذى فى النهاية البحرية الشرقية من جزيرة فاروس.

وما ذكره (استرابون) وغيره يؤيد ذلك، فقد ذكر ما معناه: أن النهاية الشرقية من الجزيرة عبارة عن صخرة محاطة بالماء من جميع جهاتها، والمنارة فوقها عبارة عن برج من جملة طبقات، مبنية بغاية الإحكام من الرخام الأبيض، واسم الجزيرة، واسمه واحد، والذى بناه (سوستران) (١) محبوب الملوك لأجل أمن الملاحين، لأن الساحل من جهة إسكندرية منحط ومجرد عن المينا وكثير الشعوب والصخور، فكان من المهم جعل دليل مرتفع لأجل دخول الملاحين الواردين وعدم وقوعهم على الصخور.

والمدخل الغربى-ولو كان عسرا-لكنه لم يكن فى الأهمية كالشرقى، ومنه كان يتوصل إلى مينا تسمى: (أونست) (٢)، من داخلها مينا محفورة بالآدميين مقفولة.


(١) الصحيح «سوستراتوس». انظر: تاريخ مصر فى عصر البطالمة، ج ٢، ص ٢٨٧.
(٢) الصحيح «يونوستوس». انظر: المرجع السابق، ج ٢، ص ٢٩٢.