فى الذكاء وسرعة الحفظ، لازم الاشتغال فى الفقه وأصوله والنحو والحديث، وانتفع فى ذلك كله بأخيه وأخذ عن المجد البرماوى، والشمس العراقى، والعز بن جماعة وعن الشمس الشطنوفى. وحج سنة أربع عشرة، ولقى الحافظ الجمال ابن ظهيرة، وغيره.
ودخل دمياط فما دونها، ولم يزل ملازما لأخيه حتى تقدم وأذن له فى الإفتاء والتدريس، وخطب بالمشهد الحسينى وبغيره، وقرأ البخارى عند الأمير إينال الصصلائى، وألبسه يوم الختم خلعه وعاونه حتى استقر فى توقيع الدست كما وقع لأخويه. وناب فى القضاء عن أخيه بدمنهور وأنشده بعض أهل الأدب عقب عمله ميعادا بالنحرارية:
فشفى القلوب بعلمه وبوعظه … والوعظ لا يشفى سوى من صالح
ودرس الفقه وهو شاب بالمدرسة الملكية، ثم رغب له أخوه عن درسى التفسير والميعاد بالبرقوقية فى سنة إحدى وعشرين، وعمل فيها إذ ذاك اجلاسا حافلا ارتفع ذكره به، وكذا نوّ أخوه بذكره فى مناظرات الهروى، وقدمه أخوه أيضا لخطبة العيد بالسلطان الظاهر ططر حين سافر معه، وبرز صاحب الترجمة لتلقيه من قطيا فوجد أخاه متعنفا جدا وصادف إرسال السلطان يأمره أن يتجشم المشقة فى الخطبة لكونه أول عيد من سلطنته وإلا فليعين من يصلح فكان هو الصالح، فخطب حينئذ بالسلطان والعسكر، فأعجبهم جهورية صوته، واستقر فى أنفسهم أنه عالم، ولذلك لما مات أخوه استقر عوضه فى تدريس الخشابية والنظر عليها، وحضر عنده الكبار من شيوخه وغيرهم، واستمر فيها حتى مات. ورام الظاهر إخراجهما عنه مرة بعد أخرى، بل رام إخراجه من مصر جملة فما مكنه الله من ذلك كله. ثم استقر بعد صرف شيخه الولى العراقى فى قضاء الشافعية بالديار المصرية، فى سادس ذى الحجة سنة ست وعشرين، فأقام سنة وأكثر من شهر ثم صرف، وتكرر عوده لذلك وصرفه، حتى كانت مدة ولايته فى مجموع المرار، وهى سبعة، ثلاث عشرة سنة ونصف سنة، وعقد الميعاد بمدرسة والده، وتدريس الحديث بالقانبهية، والميعاد والإفتاء بالحسينية، والفقه بالشريفية بمصر مع نظرها ونظر الخانقاه البيبرسية وجامع الحاكم.