للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذهاب أكابرها، فقدم الإفرنج وحاربوا مدينة بلبيس مدة، ودافعهم المسلمون عدة مرار، حتى عادوا إلى بلادهم بالساحل، ورجع العسكر إلى القاهرة، وقتل منهم كثير، ثم إن شاور استنجد بالسلطان نور الدين محمود بن زنكى صاحب الشام، فأنجده وبعث معه عسكرا كثيرا فى جمادى الأولى سنة تسع وخمسين وخمسمائة، وقدم عليه أسد الدين شيركوه على أنه يكون لنور الدين، إذا عاد شاور لمنصب الوزارة، ثلث خراج مصر، بعد إقطاعات العساكر، وأنه يكون شيركوه عنده بعساكره فى مصر، ولا ينصرف إلا بأمر نور الدين.

ووصل بعساكر الشام فحاربه ضرغام على بلبيس بعساكر مصر مرارا، وانهزموا فى آخرها، وغنم شاور ومن معه سائر ما خرجوا به، وكان شيئا جليلا، فسروا بذلك، وساروا إلى القاهرة، ونزل بمن معه عند التاج، وهى أرض إبراهيم باشا أدهم بالمهمشة، وحصلت وقعة بين الفريقين فى أرض الطبالة، وهى أرض الفجالة، ثم انتقل شاور إلى المقس - عند أولاد عنان، فحاربه أهل القاهرة، فانهزم، وقام على بركة الحبش، وهى أرض قرية البساتين، واستولى على مدينة مصر، فمال الناس إليه، وانحرفوا عن ضرغام، فقام شاور، ونزل باللوق، وكانت حروب آلت إلى إحراق الدور من باب سعادة إلى باب القنطرة، ثم كانت بين الفريقين حروب أيضا آلت إلى هزيمة ضرغام وقتله فى شهر رمضان منها، فاستولى شاور على الوزارة مرة ثانية، واختلف مع الغز القادمين معه من الشام، وكانت له معهم حروب، واحترق وجه الخليج خارج القاهرة بأسره، وقطعة من حارة زويلة.

وبعث شاور إلى مرى ملك الإفرنج يستدعيه إلى القاهرة، ليعينه على محاربة شيركوه ومن معه من الغز، فحضر، وقد سار شيركوه إلى مدينة بلبيس، وترك حصار القاهرة، فخرج شاور من القاهرة ونزل هو ومرى على بلبيس، وحاصرا شيركوه ثلاثة أشهر، وبلغ ذلك نور الدين، فأغار على ما قرب من بلاد الإفرنج، وأخذها من أيديهم، فخافوه، ووقع بينهم الصلح، فسار شيركوه بالغز إلى الشام، ورحل الإفرنج.

وعاد شاور إلى القاهرة سنة ستين وخمسمائة، فلم يزل إلى أن قدم شيركوه من الشام بالعساكر مرة ثانية يريد أخذ مصر، فخرج شاور من القاهرة إلى لقائه، واستدعى مرى ملك الإفرنج، فسار شيركوه على الشرق، وخرج من إطفيح وقصد بلاد الصعيد، فسار إليه شاور بالإفرنج، وكانت له معه وقعة عظيمة، فسار شيركوه بعد الوقعة من الأشمونين وأخذ الإسكندرية وعاد شاور إلى القاهرة، وخرج شيركوه من الإسكندرية بعد أن استخلف عليها ابن أخيه صلاح الدين يوسف بن أيوب.