للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقرؤوا الفاتحة على ذلك وانصرفوا، وركب الشيخ إلى إبراهيم بيك وأرسل إلى حسين بيك وأحضره وكلمه فى ذلك فقال: كلنا نهابون، أنت تنهب ومراد بيك ينهب وأنا أنهب، ثم انفض المجلس وبردت القضية.

وفى عقبها بأيام قليلة حضر من ناحية قبلى سفينة بها تمر وسمن وخلافه، فأرسل سليمان بك الأغا فأخذ جميع ما فيها وادعى أن له مالا منكسرا عند أولاد وافى، ولم يكن ذلك لأولاد وافى وإنما هو لجماعة من مجاورى الصعائدة وغيرهم، فتعصب مجاور والصعائدة وأبطلوا دروس المدرسين وركب الشيخ الدردير والشيخ العروسى والشيخ المصيلحى وآخرون إلى إبراهيم بيك وتكلموا معه بحضرة سليمان بك كلاما كثيرا مفحما، فرد سليمان بيك بعض ما أخذه وذهب البعض.

وفى يوم الأحد ثالث عشر شعبان من هذه السنة حضرت صدقات من مولاى محمد صاحب المغرب ففرقت على فقراء الأزهر وخدمة الأضرحة/والمشايخ المفتين والشيخ البكرى والشيخ السادات والعمريين على يد الباشا بموجب قائمة ومكاتبة.

وفى شهر رجب سنة اثنتين ومائتين وألف، حضر إلى مينا بولاق أغا أسود وعلى يده مقرر لعبدى باشا، وخلعة لشريف مكة، وصحبته ألف قرش رومى أرسلها حضرة السلطان تفرق على طلبة العلم بالأزهر ويقرؤون له صحيح البخارى ويدعون له بالنصر، ثم كتبوا أسماء المجاورين والطلبة وأخبروا الباشا أن الألف قرش لا تكفى طائفة من المجاورين فزادها ثلاثة آلاف من عنده، فوزعوها بحسب الحال أعلى وأوسط وأدنى، فخص الأعلى عشرون قرشا والأوسط عشرة والأدنى أربعة، وكذلك طوائف الأروقة بحسب الكثرة والقلة، ثم قرؤوا البخارى، وصادف ذلك زيادة أمر الطاعون والكروب المختلفة.

وفى ذى القعدة من هذه السنة ثار جماعة الشوام وبعض المغاربة بالأزهر على الشيخ العروسى بسبب الجراية، وقفلوا فى وجهه باب الجامع بعد كلام وصياح، ومنعوه من الخروج فرجع إلى رواق المغاربة وجلس به إلى الغروب، ثم تخلص منهم وركب إلى بيته، وخرجوا فى الصبح إلى السوق وأمروا الناس بغلق الدكاكين، وذهب الشيخ إلى إسماعيل بيك وتكلم معه فقال له: أنت الذى تأمرهم بذلك وتريد تحريك الفتنة علينا، ومنكم أناس يذهبون إلى أخصامنا. فتبرأ من ذلك، وذهب أيضا إلى الباشا وصحبته بعض المتعممين فقال له الباشا مثل ذلك، وطلب الذين يثيرون الفتن من المجاورين ليؤدبهم وينفيهم فمانعه فى ذلك، ثم ذهبوا إلى على بيك الدفتردار وهو الناظر على الجامع الأزهر فتلافى القضية وصالح إسماعيل بيك، وأجروا لهم الأخباز بعد مشقة، وامتنع الشيخ من دخول الجامع أياما وقرأ درسه بالصالحية.