وتنشرح له الصدور، وقرر مرة صحيح البخارى فأتى فى تقريره بما يدهش الناظر ويحير الخاطر، واختص فى زمنه بإلقاء دروس التصوف الحافلة البديعة، ولم أر أحدا من علماء عصره كهو فى صفاته وخلو مجلسه من اللغط واللغو والغيبة؛ فكان مجلسه لا يذكر فيه شئ من ذلك البته، بل كله فوائد علمية: إما تفسير بعض آيات قرآنية أو أحاديث نبوية، وسمعته يقول: هذا القص الواقع فى وعاظ زماننا يستحقون عليه القص، وكان عظيم الاعتقاد فى المجاذيب يحبهم ويحبونه ويألفهم ويألفونه ﵀.
ووجدنا بالقرب منه فى جهة رأسه قبر ولده الشيخ أبى المواهب، وقبر ولده أيضا الشيخ أبى السرور وعن يساره قبر ولده الآخر الشيخ تاج العارفين، وتحت رجليه قبر ولده الآخر أيضا الشيخ زين العابدين وبالقرب منه أيضا قبور أولاد الشيخ زين العابدين المذكور، وقبر الشيخ أحمد وقبر الشيخ عبد الرحمن وقبر الشيخ/محمد والد حبيبنا وعزيزنا الشيخ زين العابدين وأخيه الشيخ أبى المواهب، وقبر الشيخ محمد هذا بجانب الشباك الكبير المطل على توبة القرافة بالقرب من شباك قبة الإمام الشافعى ﵁ ولكنه غربى وشباك القبة شمالى.
وللشيخ محمد هذا أخ رابع وهو الشيخ عبد الله ابن الشيخ زين العابدين، ولكنه فى خارج هذه المقامات انتهى باختصار من رحلة النابلسى.
وفى خلاصة الأثر: أنه مع شيخ الإسلام - بجامع الإمام الشافعى ﵁ من ذريته زين العابدين بن محيى الدين بن ولى الدين بن جمال الدين يوسف بن زكريا أبى يحيى بن محمد الأنصارى السنيكى الشافعى.
كان أحد عباد الله الصالحين المخصوصين بالأخلاق المرضية والشمائل البهية، ولد بمصر سنة إحدى وألف وبها نشأ وحفظ القرآن وجوده واعتنى به قراءة وكتابة وفهما ورسما، واشتغل فى عنفوان شبابه بالطلب وأخذ عن والده وأكابر شيوخ عصره وشارك الشبراملسى ثم لازمه ملازمة الجفن للعين حتى تخرج عليه، وكان الشبراملسى يحبه لكونه خدنة وصديقه، وله مؤلفات منها: حاشية على شرح الجزرية لجده شيخ الإسلام زكريا فى نحو عشرين كراسا، وشرحا على رسالة جده المسماة بالفتوحات الإلهية سماه المنح الربانية.
وكانت وفاته سنة ثمان وستين وألف بمصر ودفن على أبيه وجده بالقرب من تربة الإمام الشافعى ﵁ وكذا دفن معه ابنه شرف الدين بن زين العابدين بن محيى الدين الشافعى.