للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحنفى وصحبه وأقام عنده مدة فى زاويته مختليا فى خلوة، ثم انه طلب من سيدى محمد إذنا بالسفر إلى زيارة الصالحين بالشام وغيره؛ فأعطاه الشيخ إذنا فأقام مدة طويلة سائحا فى الأرض لزيارة الصالحين، ثم رجع إلى مصر فأقام بها واشتهر وشاع أمره وانتشر وقصده الناس واعتقدوه وأخذوا عليه العهود وكثرت أصحابه فى إقليم مصر وغيرها.

ولما بلغ أمره سيدى الشيخ أبا العباس السرسى خليفة سيدى محمد الحنفى قال:

لا إله إلا الله ظهر مدين بعد هذه المدة الطويلة، والله لقد أقام عند سيدى فى هذه الزاوية نحو الأربعين يوما حتى كمل.

وهو من ذرية سيدى أبى مدين المغربى التلمسانى وجده الأدنى على المدفون بطبلية بالمنوفية ووالده مدفون فى أشمون جريس وكلهم أولياء صالحون، وأول من جاء من بلاد المغرب جده الذى فى طبلية؛ فدخلها وهو مغربى فقير لا يملك شيئا فجاء جوع شديد فمر به إنسان يقود بقرة حلابة، فقال له: احلب لى شيئا من اللبن أشربه فقال: انه ثور. فصارت فى الحال ثورا ولم تزل ثورا إلى أن ماتت، ووقع له كرامات كثيرة فلم يمكنوه أن يخرج من بلدهم طبلية حتى مات.

وأما والد سيدى مدين رحمه الله تعالى فانتقل إلى أشمون فولد له سيدى مدين فاشتغل بالعلم حتى صار يفتى الناس، واستسلم من أشمون عدّة بيوت من النصارى منهم: أولاد إسحاق ومنهم الصديرية والمقامعة والمساعية، وهم مشهورون فى بلد أشمون.

ثم تحرك فى خاطره طلب الطريق إلى الله تعالى واقتفاء آثار القوم فقالوا له:

لا بد لك من شيخ. فخرج إلى مصر فوافق سيدى محمدا الغمرى حين جاء إلى القاهرة يطلب الآخر ما يطلب سيدى مدين، فسألوا عن أحد يأخذون عنه من مشايخ مصر فدلوهما على سيدى محمد الحنفى فهما بين القصرين وإذا بشخص من أرباب الأحوال قال لهما: ارجعا ليس لكما نصيب الآن عند الأبواب الكبار ارجعا إلى الزاهد. فرجعا إليه فلما دخلا تنكر عليهما زمانا ثم لقنهما وأخلاهما ففتح على سيدى مدين فى ثلاثة أيام. وأما سيدى محمد الغمرى فأبطأ فتحه نحو خمس عشرة سنة

وكان سيدى مدين إذا رأى فقيرا لا يحضر مجلس الذكر يخرجه ولا يدعه يقيم عنده، وخرج فقير يوما من الزاوية فرأى جرة خمر مع إنسان فكسرها؛ فبلغ الشيخ رضى الله