هذا ما أطلعنا عليه فى البر الشرقى، وبقى علينا أن نطلع على ما فى البر الغربى، فنجوز البحر أولا ثم نصعد إلى الجهة القبلية حتى نصل القرية المعروفة بالقرنة.
وهى من العمارات العتيقة التى تعزى إلى رمسيس، وهى فى العظم أقل من سراية الكرنك وسراية الأقصر، والموجود من هذه السراية بابان منعزلان، وطريق مزين من طرفيه بصور أبى الهول، وإذا وصل الإنسان إلى العمارة، رأى دهليزا طوله مائة وخمسون قدما، وفيه عشرة أعمدة ضخمة، وإيوانا صغيرا على ستة أعمدة، بنى مع بناء الإيوان الذى فى الكرنك، ويعزى الجميع إلى سيتوس وولده رمسيس، والنقوش الموجودة على الجدران، يفهم منها تعظيم فرعون للآلهة الذين وصلة الملك منهم بدون واسطة الكهنة، وهذه العبارة لا توجد فى غير هذا المحل، وهى من المهمّ بالنسبة لتاريخ هذه الأعصر، لدلالتها على تداخل الكهنة فى أمور المملكة، ويؤخذ منها أيضا أن فرعون كان ملكا وكاهنا، وأن الإله كان يخاطبه بقوله: قد وهبناك القوة والعظمة والنصر وغير ذلك، وكثيرا ما يرى الملك وبجانبه المقدس المعبود، وهذا مما يدل على أن الأمر كان مشتركا بينهما.
وقال مرييت: إن عمارة القرنة توجد فى حدود أرض الزراعة فى مدخل الوادى الموصل إلى بيبان الملوك، وكانت مسبوقة ببابين ضخمين لم يبق منهما غير بعض الأحجار، وأنها بنيت مع عمارة معبد أبى دوس المعروف بمعبد سيتى، وكان مقبرة ثم جعل معبدا للمقدس أوزريس نفسه بخلاف معبد القرنة، فإنه للمقدس فيه وهو رمسيس الأول بناه له ابنه سيتى، وكانت العادة فى مواسم معلومة أن يجتمع أقارب الميت ويؤانسوه كمؤانسة الحىّ، فكان أقارب رمسيس يفعلون ذلك، ومع ذلك فقبره ليس بهذا المحل، بل فى بيبان الملوك مع قبور باقى الموتى، والذى عثر على هذا القبر (بلذونى الطليانى)، منذ خمسين سنة، وهو فى الفرع الأيمن من المقابر والذى أتم بناء هذا المعبد هو رمسيس الثانى، انتهى.