وكانت منازل تلك المدينة جميعها، قبل جلوس المرحوم محمد على باشا على تخت ديار مصر، ما بين المينا الشرقية والغربية فى أرض تعرف بالجزيرة، فى مقابلة رأس التين خارج السور البحرى، وجميع الأرض المحددة بشارع أبى وردة، قبلى عمارة صفر باشا وعمارة شرين باشا، إلى أبى العباس وإلى رأس التين، كان بعضها مدافن للموتى وبعضها نقعا، ولم يكن بها مساكن سوى بعض بيوت للصيادين ذات أبنية خفيفة كانت بالجهة المعروفة بالسيالة، وكان يتوصل من هناك إلى برج قائد بيك وطابية الأضا، فكان حد تلك المدينة، قبل ذلك من الجهة القبلية، الحارة المعروفة بحارة المغاربة قريبا من المكان المسمى الآن بميدان محمد على.
وكان فى خلال البلد فضاء وتلول، واستمر ذلك إلى سنة ١٢٥٢ هجرية، ثم أذن للأهالى فى الفضاء، الذى بين رأس التين وشارع أبى وردة وأبى العباس، فبنوا فيه قصورا ومنازل، وفى ذاك الوقت كان مجلس التنظيم تحت رياسة الخواجة (توسيس) وكان متشكلا من بعض التجار والمهندس (منشنى) وهو الذى رسم خرطة إسكندرية التى عليها العمل الآن.
وكان ما بين الأسوار خاليا من الأبنية، ليس فيه إلا الصهاريج، وأربعة كفور مسكونة بخدمة البساتين التى بداخل تلك الأسوار، وبرجال القلاع والأبراج:
أحد تلك الكفور، عن شمال الداخل من باب شرقى.
والثانى: فوق كوم الديماس.
والثالث: قرب باب سدرة، وهو باب عمود السوارى.
والرابع هو المعروف الآن بالنجع، وهو قريب من باب المحمودية.
ولما كثرت الرغبة فى العمارات، وتزاحم الناس على البناء فى أرض الجزيرة، صدر أمر الداورى المفخم، بتقسيم ما بين الأسوار على الراغبين.