للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومات بقبرس فارا من الفرس فخلا كرسى الإسكندرية من البطريكية سبع سنين لخلو أرض مصر والشام من الروم، واختفى من بها من النصارى خوفا من الفرس.

وقدم اليعاقبة نسطاسيوس بطركا فأقام ثنتى عشرة سنة ومات فى ثانى عشر كيهك سنة ٣٣٠ لدقلطيانوس، فاسترد ما كانت الملكية قد استولت عليه من كنائس اليعاقبة، ورم ما شعثه الفرس منها، وكانت إقامته بمدينة الإسكندرية، فأرسل إليه أبناسيوس بطرك أنطاكية هدية، صحبة عدة كثيرة من الأساقفة، ثم قدم عليه زائرا فتلقاه وسر بقدومه، وصارت أرض مصر فى أيامه جميعها يعاقبة لخلوها من الروم، فصارت اليهود فى أثناء ذلك بمدينة صور، وأرسلوا بقيتهم فى بلادهم وتواعدوا على الإيقاع بالنصارى وقتلهم، فكانت بينهم حرب اجتمع فيها من اليهود نحو عشرين ألفا، وهدموا كنائس النصارى خارج صور.

فقوى النصارى عليهم وكاثروهم فانهزم اليهود هزيمة قبيحة وقتل منهم خلق كثير، وكان هرقل قد ملك الروم بقسطنطينية وغلب الفرس بحيلة دبرها على كسرى حتى رحل عنهم، ثم سار من قسطنطينية ليمهد ممالك الشام ومصر، وجدد ما خربه الفرس منها فخرج إليه اليهود من طبرية وغيرها، وقدموا له الهدايا الجليلة، وطلبوا منه أن يؤمنهم ويحلف لهم على ذلك، فأمنهم وحلف لهم، ثم دخل القدس وقد تلقاه النصارى بالأناجيل والصلبان والبخور والشموع المشتعلة، فوجد المدينة وكنائسها وقمامتها خرابا فساءه ذلك وتوجع له، وأعلمه النصارى بما كان من ثورة اليهود مع الفرس، وإيقاعهم بالنصارى، وتخريبهم الكنائس، وأنهم كانوا أشد نكاية لهم من الفرس وقاموا قياما كبيرا فى قتلهم عن آخرهم، وحثوا هرقل على الوقيعة بهم وحسنوا له ذلك، فاحتج بما كان من تأمينه لهم وحلفه فأفتاه رهبانهم وبطاركتهم وقسيسوهم بأنه لا حرج عليه فى قتلهم، فإنهم عملوا عليه حيلة حتى أمنهم من غير أن يعلم بما كان