منهم، وأنهم يقومون عنه بكفارة يمينه، بأن يلتزموا ويلزموا النصارى بصوم جمعة فى كل سنة عنه على ممر الزمان والدهور، فمال إلى قولهم، وأوقع اليهود وقعة شنيعة، فأبادهم جميعهم فيها حتى لم يبق فى ممالك الروم وبمصر والشام منهم إلا من فرواستتر.
فكتب البطاركة والأساقفة إلى جميع البلاد بإلزام النصارى بصوم أسبوع فى السنة، فالتزموا صومه إلى اليوم. وعرفت عندهم بجمعة هرقل. وتقدم هرقل بعمارة الكنائس والديور، وأنفق فيها مالا كثيرا، وفى أيامه أقيم أدراسلون بطرك اليعاقبة بالإسكندرية فأقام ست سنين، ومات فى ثامن طوبة فخربت الديور/ وأقيم بعده على اليعاقبة بنيامين المار ذكره.
وأما جبل (برماوس) ويقال براموس الذى كان فيه رهبان الأروام كما يفهم من كلمة برماوس اليونانية، فليس إلا جبل أحجار النسر الذى بين صحراء شيهات وجبل وادى النطرون، وكان به دير عظيم أقام فيه بعض الرومان للترهب، وكان للرومان فيه كنيسة عظيمة بنوها بعد ذلك الدير، على صخور بقرب البركة فى غربى العين العذبة، والظاهر أنه كان بجوارها المحل المسمى:(بتره)، وكان يسكنه أبو موسى الأسود، وكان خلف صحراء سيتة محل يسمى كليمان (السلم)، ولم يكن عامرا كغيره لبعده عن الماء بثمانية عشر ميلا، ومحل يسمى [بيشاف أنتنيرى] ومعناها صحراء الصوامع، وكانت بعيدة عن صحراء سيتة وسماه بعضهم (كليا)، وكان محله على الطريق الموصلة لداخل الصحراء بعيدا من جبل النطرون بعشرة أميال أو ستين غلوة، وكانت صوامع العبادة فيه كثيرة متباعدا بعضها عن بعض، وكان بهذه الصحراء كنيستان إحداهما لأهل المذهب العام من النصارى، والأخرى لأهل الاعتزال. وفى خطط المقريزى أيضا عند ذكر دخول النصارى من قبط مصر تحت طاعة المسلمين، أنه لما كانت الفتنة بين الأمين والمأمون انتهبت النصارى بالإسكندرية، وأحرقت لهم مواضع عديدة، وأحرقت ديور وادى