حط لنا العلامة على هذه ثم يجبهونه ويلعنونه، وكان الذى يخترع له أنواع العقوبات بدر الدين لؤلؤ الذى كان ابن السالوس سببا فى ترقيه؛ فإنه كان طلبه من الشام بعد موت سيده الأمير طرنطاى وقلده شاد دواوين مصر ولم يزل ابن السالوس يعذب بأنواع العذاب حتى مات يوم السبت حادى عشر صفر سنة ثلاث وتسعين وستمائة وبعد موته ضربوه أيضا ثلاث عشرة ضربة ودفنوه بالقرافة.
وقوله الشيب هو بكسر الشين المعجمة وبعدها ياء تحتية وباء موحدة يطلق على السوط الذى يضرب به وعلى نفس الضرب بالسوط أو بغيره فيقال ضرب مائة وعشرين شيبا أى سوطا ويقال ضرب بالمقارع عدة شيوب انتهى من كترمير عن كتاب السلوك، وفى القاموس الشيب بالكسر سير السوط انتهى.
ومن حوادث هذه القرية أيضا أنه فى سنة سبعمائة حصل فشل بين عرب البحيرة ورفعوا ألوية العصيان واقتتلت قبيلة جابر مع قبيلة برديس ومات من ذلك خلق كثير وكانت الهزيمة على قبيلة جابر، وقام الأمير بيبرس الدوادار إلى تروجة مع عشرين أميرا من أمراء الطبلخانات لكسر عصىّ العرب، فهرب العرب وتبعتهم العساكر إلى محل يعرف بالبلونة واستحوذوا على أموالهم من إبل وغنم وسلاح وغيرها، وفى ذلك الوقت كانت عرب الصعيد قائمة أيضا فقام إليهم الوزير شمس الدين سنقر الأعسر مع مائة من المماليك السلطانية، وقتل كثيرا من العصاة واستولى على أموالهم وسلاحهم فلم يترك حصانا لفلاح أو شيخ أو بدوى أو كاتب ورجع إلى مصر ومعه جملة من الخيل وثمانمائة وسبعون جملا وستة آلاف رأس غنم ومائتا سيف وستمائة مزراق انتهى كترمير.
والمزراق هو الرمح ويقال فيه مزراقية واشتقاقه من زرق بمعنى رمى كما فى القاموس لأنه يرمى به قال فى تاريخ بطارقة الإسكندرية حراب لطاف يزرق بها حشود الإخشيدية أى جموعهم، وفى كتاب علم الفروسية ازرق وجهه برمحك وأما كلمة زراقة فتطلق على أنبوبة من نحاس مصنوعة بحيث أن أحد نصفيها وجزأها المجوف ضيق، والثانى غليظ وفوهته واسعة ويصنع لها قضيب خشب طويل غلظه بقدر التجويف فإذا ملئت الأنبوبة ماء مثلا وأدخل فيها ذلك القضيب التجأ الماء إلى الخروج من الفم الضيق بقوة فيصل إلى مكان بعيد مثل رمى الطلونبة.