مراد بيك وعزله، ثم حصلت منافسات بينه وبين مراد بيك آلت إلى قتله بعد أن أحضروه إلى مراد بيك، وقطعوا يديه بأمره ثم حزوا رأسه، وذلك فى سنة اثنتين وتسعين ومائة وألف.
وكان مقداما لم يأت بعده من يدانيه فى سياسة الأحكام والقضايا والتحيلات. باشر الحسبة مدة مع الأغاوية، وكان السوقة يحبونه، وتولى ناظرا على الجامع الأزهر مدة، وكان يحب العلماء ويتأدب معهم ويقبل شفاعتهم، وكان له تبصر، وعنده قوة فراسة وشدة حزم، عفا الله عنه. (انتهى ملخصا).
ثم بقى هذا البيت ينتقل فى أيدى الملاك إلى أن تولى العزيز محمد على باشا على الديار المصرية فأخذه وعمله ورشة للخياطين والصرماتية، ثم بعد إبطال الورش بقى مغلوقا مدة، ثم اشتراه حسن باشا الشريعى من الميرى بثلثمائة كيسة عملة صاغ ديوانى، ولما فتح شارع محمد على المذكور أخذ منه جزءا كان سببا فى تحسينه وتصقيعه، وهو باق إلى الآن فى ملك الباشا المذكور.
ثم بسبب قطع هذا الشارع معظم عرض المدينة، واتجاهه الواقع بين الشرق الجنوبى والبحرى الغربى حدث تغيير الهواء فى أغلب أنحاء المدينة بواسطة الشوارع والحارات التى قطعها. وكان الشروع فى عمل رسوماته وموازينه وغيرها بعد سنة تسعين ومائتين وألف، وكنت حينئذ ناظرا على ديوان الأشغال العمومية، وتحددت الأملاك والمنازل اللازم أخذها لذلك، ثم بعد إحالة الأورناتو على المحافظة صدر الأمر بشراء الأملاك، فبعض الناس باع وقبض الثمن، والبعض ارتضى بترك ما يؤخذ من ملكه بلا مقابل، ثم بعد إتمام ذلك صار الشروع فى العمل، وكان التصميم فى الأصل على أن يجعل عرضه عشرين مترا، منها ثمانية أمتار للمشايتين المجاورتين للمنازل، والاثنا عشر الباقية لمرور العربات والحيوانات وغير ذلك وعلى أن تعمل عقود للمشايتين المذكورتين، وتبنى المساكن فوقهما، فيحصل بذلك الوقاية من حر الشمس فى زمن الصيف، ومن المطر فى زمن الشتاء، ويكون هذا التنظيم داعيا لزيادة رغبة التجار فى استئجار الدكاكين الموجودة به.
وقد عدل قلم الأورناتو عن هذا التنظيم، ورتب به زرع اللبخ كما فى شوارع الإسماعيلية وغيرها، مع أن ما يحصل من الفائدة بغرس الأشجار لا يعادل ما كان يحصل من الفائدة