وأتباعه، وجهز التجاريد لمحاربتهم، فلما التقى الجمعان بالصعيد وقع بينه وبينهم وقعات آلت إلى انهزام عساكره، فولوا مدبرين، وعادت الأمراء القبلية فى إثرهم، وزحفت إلى القاهرة، ففر إسماعيل بيك بمن معه إلى الشام، ودخل البلد من كانوا فى الجهات القبلية، واستولوا على بيوت الأمراء المنهزمين ودورهم، وقسّموا من وجدوه منهم قتلا ونفيا وحبسا.
وخلا الجو لمراد بيك وإبراهيم بيك، فتصرفا فى البلد كيف شاءا، وزادا فى التعدى والظلم، فانقسمت أمراء مصر إلى قسمين؛ قسم يقال لهم المحمدية، نسبة لمحمد بيك أبى الذهب، وقسم علوية، نسبة لعلى بيك الكبير، وكل قسم يحقد على الآخر، ويتمنى هلاكه، ويتربص به ريب المنون، ووقع بينهم التحاسد والعدوان، وتسبّب عن ذلك فتن وحروب، دمرت البلاد، وأفسدت أحوال القطر، وعطّلت أرزاق أهله.
وأحس العلوية من مراد بيك بالغدر، فتجمعوا وتحصنوا فى حوش الشرقاوى، وصنعوا متاريس فى جهة بابى زويلة والخرق، وجهة السروجية، فدخل إبراهيم بيك القلعة، وتحصّن بها، ووجه المدافع على جهات العلوية، وتمادى يضرب عليهم بها اثنين وعشرين يوما، وعساكره تتثاقل على عساكرهم فى الحارات والدروب، وكل منهم يوصّل البيوت بعضها ببعض، ليتمكن من قتل عدوه، وانتهت تلك الحادثة بخراب هذه الجهات. ولهروب العلويين إلى الشرقية وغيرها اقتفى المحمدية أثرهم، وتسلّط عليهم العرب فقتلوهم عن آخرهم، ولم ينج منهم إلا القليل، ففر إلى الشام، ومن بقى أودع السجن.
وعزل محمد باشا، وتولى مكانه إسماعيل باشا، ولم تنقطع الفتن وتجهيز التجاريد، والمصادرات، وكثر الظلم والتعدى، ففر كثير من الأمراء، والتحق بإسماعيل بيك بالجهات القبلية.
وبعد حروب طويلة، حصل الصلح، على أن يعطى إسماعيل بيك إخميم وأعمالها، وحسن بيك قنا وأعمالها، ورضوان بيك إسنا وأعمالها، فتسلّم كل ما استقر عليه الرأى.
ولم يمض غير قليل، حتى انتقض الصلح، ورجعت الأمور إلى ما كانت عليه.
وفى سنة سبع وتسعين ومائة وألف اهتم إبراهيم بيك فى مصالحة القبالى، وكان ذلك فى زمن محمد باشا السلحدار، فرجع أغلبهم وأقام بمنزله، وكان ذلك على غير مراد «مراد بيك»، فقام بعزوته، وخرج إلى بنى سويف، وقطع الوارد عن القاهرة، فلحق الناس ما لا مزيد عليه من الضنك والغلاء المفرط، وضاق ذرع الفقراء، وازداد ذلك أضعافا