للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان هذا المقعد على هيئة المنظرة بغير ساتر كل من قصد الإطفيحى من الكتفى يراه، وكان الأفضل لا يأخذه عنه القرار يخرج فى أكثر الأوقات من دار الملك بكرة أو ظهرا أو عصرا بغتة فيترجل ويدق الباب وقارا للشيخ، كما كان الصحابة يقرعون أبواب النبى بظفر الإبهام والمسبحة كما يحصب بهما الحاصب، فإن كان الشيخ يصلى لا يزال واقفا حتى يخرج من الصلاة ويقول:

من؟ فيقول ولدك شاهنشاه فيقول: نعم ثم يفتح فيصافحه الأفضل ويمر بيده التى لمس بها يد الشيخ على وجهه ويدخل فيقول الشيخ: نصرك الله، أيدك الله سددك الله، هذه الدعوات الثلاث لا غير أبدا، فيقول الأفضل آمين.

وبنى له الأفضل المصلى ذا المحاريب الثلاثة شرقى المسجد إلى القبلى قليلا ويعرف بمصلى الإطفيحى كان يصلى فيه على جنائز موتى القرافة، وكان سبب اختصاص الأفضل بهذا الشيخ إنه لما كان محاصرا نزار بن المستنصر بالإسكندرية، وناصر الدولة أفتكين الأرمنى أحد مماليك أمير الجيوش بدر، وكانت أم الأفضل إذ ذاك وهى عجوز لها سمت ووقار تطوف كل يوم وفى الجمعة، الجوامع والمساجد والرباطات والأسواق وتستقص الأخبار وتعلم محب ولدها الأفضل من مبغضه، وكان الإطفيحى قد سمع بخبرها فجاءت يوم جمعة إلى مسجده وقالت يا سيدى: ولدى فى العسكر مع الأفضل الله يأخذ لى الحق منه فإنى خائفة على ولدى فادع الله لى أن يسلمه.

فقال لها الشيخ: يا أمة الله أما تستحين تدعين على سلطان الله فى أرضه المجاهد عن دينه، الله تعالى ينصره ويظفره ويسلمه ويسلم ولدك، ما هو إن شاء الله إلا منصور مؤيد مظفر، كأنك به وقد فتح الإسكندرية وأسر أعداءه وأتى على أحسن قضية وأجمل طوية فلا تشغلى لك سرا، فما يكون إلا خير إن شاء الله تعالى.