ثم إنها اجتازت بعد ذلك بالفار الصيرفى بالقاهرة بالسراجين، وهو والد الأمير عبد الكريم الآمرى صاحب السيف، وكان عبد الكريم قد ولى مصر بعد ذلك فى الأيام الحافظية، وكان عبد الكريم هذا له فى أيام الآمر وجاهة عظيمة وصولة، ثم افتقر فوقفت أم الأفضل على الصيرفى تصرف دينارا وتسمع ما يقول: لأنه كان إسماعيليا متغاليا فقالت له:
ولدى مع الأفضل وما أدرى ما خبره، فقال لها الفار: لعن الله المذكور الأرمنى الكلب العبد السوء ابن العبد السوء، مضى يقاتل مولاه ومولى الخلق، كأنك والله يا عجوز برأسه جائزا من ههنا على رمح قدام مولاه نزار ومولاى ناصر الدولة إن شاء الله تعالى والله يلطف بولدك، من قال لك تخليه يمضى مع هذا الكلب المنافق وهو لا يعرف من هى.
ثم وقفت على ابن بابان الحلبى وكان بزّازا بسوق القاهرة، فقالت له مثل ما قالت للفار الصيرفى. وقال لها مثل ما قال لها، فلما أخذ الأفضل نزارا وناصر الدولة وفتح الإسكندرية/حدثته والدته الحديث وقالت: إن كان لك أب بعد أمير الجيوش، فهذا الشيخ الإطفيحى، فلما خلع عليه المستعلى بالقصر وعاد إلى دار الملك بمصر اجتاز بالبزازين، فلما نظر إلى ابن بابان الحلبى. قال: انزلوا بهذا فنزلوا به فقال: رأسه فضربت عنقه تحت دكانه، ثم قال: لعبد على أحد مقدمى ركابه. قف ههنا لا يضيع له شئ إلى أن يأتى أهله فيستلموا قماشه.
ثم وصل إلى دكان الفار الصيرفى فقال: انزلوا بهذا فنزلوا به فقال: رأسه فضربت عنقه تحت دكانه، وقال ليوسف الأصغر أحد مقدمى الركاب اجلس على حانوته إلى أن يأتى أهله ويستلموا موجوده، وإياك وماله وصندوقه، وإن ضاع منه درهم ضربت عنقك مكانه، كان لنا خصم أخذناه وفعلنا به ما يردع غيره عن فعله وما لنا وما له وفقر أهله، ثم أتى الأفضل إلى الشيخ أبى طاهر الإطفيحى وقربه وخصصه إلى أن كان من أمره ما شرحناه انتهى.